مدارس الدولة في لبنان تواجه أزمة مالية خانقة

جوسلين معوض

2025.09.30 - 10:39
Facebook Share
طباعة

 مع انطلاق العام الدراسي الجديد، تعيش المدارس والثانويات الرسمية في لبنان أزمة مالية حادة، انعكست على انتظام العمل اليومي وقدرة إداراتها على تأمين الخدمات الأساسية للطلاب. وتعاني هذه المؤسسات من عجز صناديقها عن تغطية المصاريف التشغيلية والالتزامات، والتي ازدادت هذا العام بسبب تحميلها بدلات المثابرة والعلاوات للعاملين في المكننة والنظافة والحراسة، إضافة إلى رواتب بعض الأساتذة المتعاقدين، ما وضع إدارات المدارس في موقف مالي صعب للغاية.


وفي بعض المناطق مثل الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجبلية، لجأ المدراء إلى استدانة الأموال شخصياً أو طلب الدعم من البلديات والجمعيات لتغطية تكاليف الصيانة والترميم التي خلفتها الأضرار السابقة، بما في ذلك تلك الناتجة عن العدوان الإسرائيلي الأخير. ويشير مديرو المدارس إلى أن وزارة التربية لم تصرف حتى الآن أي من هذه الأموال الموعودة، ما يهدد انتظام العملية التعليمية.


وتكشف الأرقام عن حجم الأزمة: المبلغ المخصص لكل تلميذ في المدارس الابتدائية والمتوسطة لم يغطي متوجبات صناديق التعاضد والضمان الاجتماعي، فضلاً عن فواتير الكهرباء والمازوت والديون المتراكمة. نتيجة لذلك، شهدت بعض المدارس انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، لعدم قدرتها على شراء الوقود اللازم لتشغيل المولدات أو التدفئة في المناطق الجبلية، حيث تصل كلفة مازوت التدفئة إلى نحو ستة آلاف دولار سنويًا في بعض المدارس.


وفي ظل هذه الظروف، تعتمد بعض المدارس على المساهمات الطوعية من الأحزاب والجمعيات، إضافة إلى السلف المالية المقدمة عبر المناطق التربوية، لتغطية رواتب المستخدمين والمصاريف اليومية. ويشير عدد من المدراء إلى تأخر صرف المستحقات المالية للعاملين لأشهر عدة، فيما يتم اللجوء أحياناً إلى التمويل الذاتي لتأمين احتياجات الأساتذة.


أما الثانويات الرسمية، فتواجه أيضًا ضغوطًا مالية رغم اعتمادها على رسوم تسجيل الطلاب التي ارتفعت هذا العام من 9 ملايين إلى 13 مليون ليرة. ويشير بعض مديري الثانويات إلى أن بدلات المثابرة للعاملين شكلت عبئًا إضافيًا على ميزانيات المدارس، إلى جانب تكاليف صيانة المباني والأضرار الناتجة عن الأحداث السابقة، ما يجعلها عاجزة عن تمويل مشاريع تعليمية أو أنشطة إضافية للطلاب.


كما أثر تراجع أعداد الطلاب في بعض المناطق، مثل ساحل المتن وصولاً إلى جبيل وكسروان، على ملاءة الصناديق المدرسية. وتؤكد إدارات المدارس أن انخفاض أعداد الطلاب مرتبط جزئيًا بالجدل حول أيام الدوام وتقليصها إلى أربعة أيام، رغم أن هذا النظام معمول به منذ عدة سنوات.


وفي بعض الحالات، اضطرت المدارس لدفع مبالغ كبيرة من مواردها الخاصة لإصلاح أضرار المباني. فعلى سبيل المثال، دفع أحد مديري الثانويات في الضاحية الجنوبية لبيروت نحو 15 ألف دولار من صندوق المدرسة لإصلاح الأضرار، ولم يتم استرداد سوى جزء من هذا المبلغ، فيما تكفي الأموال المتوفرة حاليًا لدفع حوافز العمال حتى شهر آذار فقط.


وتشير هذه المعطيات إلى أن المدارس الرسمية اللبنانية تواجه تحديات مالية حقيقية قد تهدد انتظام العام الدراسي، وتحد من قدرة إداراتها على التخطيط للمستقبل أو تقديم خدمات تعليمية متكاملة. ويحث خبراء التربية على ضرورة تدخل الجهات الرسمية لتأمين تمويل عاجل وتغطية الالتزامات المالية للمدارس، بما يضمن استمرار العملية التعليمية دون انقطاع ويحد من انعكاسات الأزمة على الطلاب والمعلمين على حد سواء.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 9