السوريون يرفضون الإساءة لمصر

2025.09.30 - 10:22
Facebook Share
طباعة

 
أثارت التظاهرات التي شهدتها العاصمة السورية دمشق مؤخراً جدلاً واسعاً، بعد أن تخللتها هتافات مسيئة للدولة المصرية، بينما كانت التظاهرات في الأساس للتعبير عن الغضب من ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. وقد دفعت هذه التصرفات العديد من المفكرين والكتاب السوريين إلى الرد بشكل جماعي، مؤكدين على رفض الإساءة لمصر وتسليط الضوء على الدور الإيجابي الذي لعبته القاهرة تجاه السوريين خلال سنوات الحرب الأهلية.

أكد الخبراء أن مصر لم تكن مجرد دولة جغرافية في المنطقة، بل تمثل “عمقاً حضارياً” وملاذاً آمناً لكل من ضاقت به السبل، سواء من السوريين أو غيرهم من شعوب المنطقة المتضررة من النزاعات. وقد اعتبرت القاهرة دائمًا أن استضافة اللاجئين مسؤولية أخلاقية وإنسانية، وليس مجرد واجب سياسي، معاملةً إياهم كمواطنين أو أشقاء، وليس كضيوف مؤقتين أو لاجئين بمعنى المخيمات.

وقد استقبلت مصر منذ اندلاع الحرب في سوريا ملايين السوريين، ووفرت لهم خدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، مما ساهم في اندماجهم السريع في المجتمع المصري. ورغم كل المصاعب التي تواجهها الدول المضيفة، حافظت مصر على موقفها الإنساني الثابت، مؤكدةً على وحدة المصير بين شعوب المنطقة وأهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات.

وفي ردود الأفعال السورية، أعرب المفكرون السوريون عن استنكارهم للهتافات المسيئة، مؤكدين أنها لا تمثل رأي المجتمع السوري ولا موقف أغلب السوريين الذين يقدرون الدعم المصري. وقد أشاروا إلى أن مثل هذه التصرفات تضر بالروابط التاريخية بين الشعبين السوري والمصري، وتشتت الانتباه عن الهدف الأساسي للتظاهرات وهو التعبير عن الغضب من الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

وأكد المفكرون أن الهتافات المسيئة كان يجب توجيهها نحو الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدد الأراضي السورية، بما في ذلك هضبة الجولان، والتمركزات العسكرية قرب القنيطرة، وأجزاء من جبل الشيخ والمناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، وليس للدولة الشقيقة التي فتحت أبوابها للسوريين وقدمت لهم كل الدعم.

وتوجه عدد من المثقفين السوريين بنداء رسمي للشعب المصري، مؤكدين محبتهم واحترامهم له ولقيادته، ومعتذرين عن التصرفات الفردية التي صدرت عن بعض المشاركين في التظاهرات. وشددوا على أن ما صدر عن هؤلاء لا يمثل الإرادة الجماعية للشعب السوري، وأن الغالبية العظمى يقدرون مصر وشعبها ووقوفهم بجانب السوريين منذ بداية الأزمة.

كما أكدت هذه الأصوات على أهمية عدم الانجرار وراء استفزازات فردية، وضرورة مواجهة أي حملات إعلامية مضللة تستغل الموقف لإشعال التوتر بين الدولتين. وأوضحوا أن أي إساءة لمصر أو شعبها تعتبر إساءة لمبادئ الأخوة العربية، وتشكل خرقاً للمعايير الأخلاقية والسياسية التي تربط بين الشعبين السوري والمصري.

من جانب آخر، أشارت التقييمات إلى أن العلاقة بين الشعبين السوري والمصري تمتد إلى عمق التاريخ، وتشمل أبعاداً ثقافية وحضارية وأخوية، تعكس تضافر المصالح المشتركة ومواجهة التحديات الإقليمية. وتعتبر مصر بالنسبة للسوريين ليس فقط ملاذاً آمناً، بل رمزاً للاستقرار والأمان والتضامن الإنساني، وهو ما أكد عليه العديد من المفكرين السوريين في ردودهم على التظاهرات.

وشددت هذه المواقف على أن مصر تمثل حضناً دافئاً لكل من هاجر أو لجأ إليها، وأن مواقفها الداعمة للسوريين لم تقتصر على تقديم المساعدات المادية، بل شملت دمج اللاجئين في المجتمع المصري ومنحهم فرص التعليم والعمل والخدمات الصحية، معاملةً إياهم على قدم المساواة مع المواطنين المصريين.

وبهذا الصدد، دعا المفكرون السوريون إلى ضبط النفس واحترام العلاقات التاريخية بين البلدين، مؤكدين أن توجيه أي إساءة لمصر هو تصرف غير مقبول، ويجب التعامل معه كحادث فردي لا يعكس الموقف العام للشعب السوري. وأكدوا أن على الجميع توجيه الغضب المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي، وليس ضد الأشقاء الذين فتحوا قلوبهم وأبوابهم للسوريين في أحلك الظروف.

في ختام تصريحاتهم، أكد المفكرون السوريون أن احترام مصر ودعمها للشعب السوري يجب أن يظل قيمة ثابتة، وأن أي إساءة فردية لا تقلل من الامتنان والتقدير الذي يكنه السوريون لشعب مصر وقيادتها. كما شددوا على أهمية تعزيز الوعي المجتمعي والسياسي لدى السوريين لتفادي مثل هذه التصرفات، والحفاظ على الروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين، بما يعكس روح الأخوة والتضامن العربي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8