الإهمال الصحي يحاصر المعتقلين السوريين في لبنان

رزان الحاج

2025.09.30 - 09:51
Facebook Share
طباعة

 تشهد أوضاع المعتقلين السوريين في لبنان تدهورًا متزايدًا، وسط غياب إجراءات فعّالة من السلطات اللبنانية والسورية على حد سواء لمعالجة قضيتهم. وتتركز معاناتهم في سجن رومية، حيث يواجه هؤلاء المعتقلون ظروفًا صحية صعبة بسبب الاكتظاظ ونقص الرعاية الطبية، ما يفاقم مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية والمزمنة.


ويقدر عدد المعتقلين السوريين في رومية بنحو 170 شخصًا، بعضهم يقضي سنوات طويلة دون محاكمات، في حين توصف اعتقالاتهم وأحكامهم بأنها سياسية أو كيدية في كثير من الحالات. وتواجه هذه الفئة اتهامات تتعلق بالانتماء إلى جماعات مسلحة معارضة أو تورطها في هجمات سابقة على قوات الأمن اللبناني، لكن الإجراءات القضائية غالبًا ما تفتقر إلى الشفافية والمهنية والبعد الإنساني.


ويشكل الاكتظاظ داخل السجن أحد أبرز التحديات، إذ يضم السجن نحو 3500 سجين رغم تصميمه لاستيعاب 1050 فقط. ويضطر السجناء للنوم على الأرض، وتقديم وجبات غذائية غير صحية، مع مياه غير صالحة للشرب، ما يفاقم معاناتهم ويزيد من تفشي الأمراض المعدية والجلدية بينهم.


تتعدد الأبعاد الإنسانية لهذه الأزمة، إذ يعاني المعتقلون من الإهمال الطبي المستمر، وهو ما أدى إلى وفاة عدد منهم في السنوات الأخيرة. وتشير تقارير إلى أن العديد من المعتقلين يعانون من أمراض مزمنة ولم يحصلوا على الرعاية المناسبة، بينما تتفاقم معاناتهم بسبب ضعف التواصل مع السلطات السورية وعدم وجود آلية واضحة لضمان حمايتهم وحقوقهم.


على المستوى القضائي، لا تزال الملفات معلقة، مع بطء الإجراءات الإدارية واستمرار المماطلة في المحاكمات، ما يجعل المعتقلين في حالة من الانتظار الطويل دون معرفة مصيرهم. وقد لجأ بعض المعتقلين إلى أشكال احتجاج سلمية للدفاع عن حقوقهم، مثل الإضراب عن الطعام والحملات الإعلامية، لكن دون تحقيق نتائج ملموسة حتى الآن.


الأزمة لا تقتصر على الجانب الصحي والقضائي فقط، بل تمتد إلى الأبعاد النفسية والاجتماعية. فالمعتقلون يواجهون عزلة عن ذويهم، مع قلق دائم بشأن مستقبلهم وعودة حياتهم إلى طبيعتها، ما يزيد من تأثير التجربة السلبية على صحتهم النفسية والجسدية معًا.


وعلى الرغم من تصريحات متفرقة حول وجود محاولات لحلحلة الملف، لم تظهر خطوات عملية واضحة على الأرض، ويبدو أن الملف يظل عالقًا بسبب العقبات السياسية والإدارية، بالإضافة إلى التوترات اللبنانية الداخلية والارتباطات الإقليمية المعقدة.


في ظل هذا الواقع، يطالب المراقبون والمنظمات الحقوقية بضرورة إيجاد حلول عاجلة وفعّالة لمعالجة أوضاع المعتقلين السوريين، بما يشمل الإفراج عن من تستوفي حالاتهم القانونية، وتحسين الظروف الصحية داخل السجن، وتوفير الرعاية الطبية والنفسية الضرورية. كما يشددون على أهمية ضمان محاكمات عادلة وشفافة لكل المعتقلين، لتطبيق القانون بشكل عادل ووقف الانتهاكات المتكررة.


يبقى ملف المعتقلين السوريين في لبنان قضية حساسة ومعقدة، تمس حقوق الإنسان الأساسية، وتستدعي تدخلًا عاجلًا من السلطات اللبنانية والسورية والمنظمات الدولية لإنهاء معاناتهم وضمان احترام حقوقهم القانونية والصحية، بما يحقق العدالة لهم ويخفف من تداعيات سنوات الاحتجاز القاسية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 2