كيف حول سد النهضة فيضانات السودان إلى كارثة؟

وكالة أنباء آسيا_ رباب الأمين

2025.09.29 - 09:29
Facebook Share
طباعة

دخل السودان هذا العام في مرحلة مختلفة من مواسم الفيضانات، حيث لم تعد الظاهرة مرتبطة فقط بالأمطار الموسمية وتدفقات الأنهار كما كان يحدث في السابق، بل باتت مرتبطة بشكل أوضح بعمليات تخزين وتصريف المياه في سد النهضة الإثيوبي.

فخلال الأيام الماضية أصدرت وزارة الري إنذاراً أحمر محذرة من مخاطر واسعة، بعد أرتفاع مناسيب النيل الأبيض وتذبذب منسوب النيل الأزرق بصورة غير معتادة.
مناطق في ولايات النيل الأزرق وسنار والجزيرة إضافة إلى جنوب الخرطوم تعرضت لتسرب المياه وغمر عدد من المنازل، خاصة في "الكلاكلة" ورغم محدودية الخسائر البشرية حتى الآن، إلا أن الجدل تصاعد حول السبب المباشر لهذه الموجة.

المختلف هذا العام أن الفيضانات تزامنت مع أول موسم فيضان بعد التشغيل الرسمي لسد النهضة، فالسد الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه، قام خلال فترة الفيضان بحجز كميات ضخمة، ثم أطلق عبر بوابات التصريف نحو 750 مليون متر مكعب. هذه العملية أثرت على استقرار تدفقات النيل الأزرق داخل الأراضي السودانية، ولاسيما مع محدودية سعة سدي الروصيرص وسنار اللذين لا يتجاوز مخزونهما 300 مليون متر مكعب.

هذا الوضع جعل السودان أمام سيناريو معقد: من جهة هناك تدفقات مفاجئة وغير منتظمة تضغط على القرى والمدن الواقعة على ضفاف النيل الأزرق، ومن جهة أخرى يظل النيل الأبيض القادم من بحيرة فكتوريا عند مستويات مرتفعة تزيد من حجم الخطر، بذلك تصبح موجة الفيضانات الحالية مختلفة عن مواسم سابقة، حيث لم تكن قرارات تشغيل السد الإثيوبي جزءا من المعادلة.

إضافة إلى ذلك، يرى خبراء المياه أن أي خطأ في توقيت التصريف أو عدم تنسيق مسبق مع الجانب السوداني قد يؤدي إلى موجات فيضانية يصعب احتواؤها ومع غياب آليات واضحة لتبادل المعلومات حول تشغيل السد، يظل السودان عرضة لمفاجآت موسمية يصعب التنبؤ بها بدقة.

ولا يمكن عزل هذه التطورات عن تأثيرات التغير المناخي وزيادة الأمطار في الهضبة الإثيوبية وشرق إفريقيا، لكنها المرة الأولى التي تتداخل فيها العوامل الطبيعية مع عامل إنشائي ضخم بحجم سد النهضة، ليشكلان معا خلفية معقدة لموسم فيضاني مختلف عن كل ما سبقه.

السودان اليوم أمام تحدٍ مزدوج: تطوير قدرته على إدارة البنية المائية الداخلية عبر تحديث السدود والقنوات، وفي الوقت نفسه السعي لآليات إقليمية للتنسيق حول تشغيل السد، حتى لا تتحول مواسم الأمطار إلى مصدر تهديد مستمر للحياة والاستقرار الاقتصادي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 2