من الولاء الشعبي إلى أزمات التمويل: واقع الأحزاب اللبنانية اليوم

2025.09.29 - 08:44
Facebook Share
طباعة

المشهد السياسي في لبنان يمر بمرحلة غير مسبوقة من التحولات بعد الانهيار المالي والاقتصادي الطويل، الأحزاب التقليدية وجدت نفسها أمام ضغوط مالية واجتماعية غير مألوفة، دفعتها إلى مراجعة مواقعها وخطابها، في محاولة للحفاظ على دورها وتأثيرها.

الأزمة المالية أضعفت قدرة هذه القوى على تمويل نشاطاتها المعتادة، الخدمات الاجتماعية التي اعتاد المواطنون الحصول عليها تراجعت بشكل ملحوظ، وهو ما انعكس على علاقة الشارع مع الأحزاب.
حالة السخط الشعبي برزت بوضوح، إذ ارتفعت أصوات تحمل المسؤولية للطبقة السياسية عن التدهور الاقتصادي.

رغم ذلك، تمكنت بعض الأحزاب من الاستفادة من الوضع عبر إعادة صياغة خطابها أو عبر الاستعانة بالدعم الخارجي الذي وفر لها استمرار حضورها.
في المقابل، لجأت قوى أخرى إلى تبني لغة إصلاحية وشعارات مكافحة الفساد لتواكب مطالب الناس، لكن دون خطوات عملية واضحة تثبت هذا التحول.

التحالفات لم تعد ثابتة كما كانت ظروف الانهيار فرضت انفتاحات متبادلة بين قوى متنافسة سابقاً، بينما حاولت أحزاب أخرى ملء الفراغ الناتج عن تعطل الاستحقاقات الدستورية.
بالتوازي، ظهرت مجموعات جديدة خرجت من رحم الحراك الشعبي، لكنها ما زالت تعاني من ضعف في التنظيم والموارد، وهو ما يحد من قدرتها على اختراق المشهد السياسي التقليدي.

الارتباط بالخارج يلعب دوراً أساسياً في إعادة التموضع. بعض القوى شددت حضورها في العواصم الغربية لتأمين دعم سياسي ومالي، فيما عززت أخرى خطوطها مع محاور إقليمية، هذا التوازن الخارجي جعل التموضع الحزبي امتداداً لصراعات المنطقة أكثر مما هو انعكاس لحاجات الداخل اللبناني.

المرحلة المقبلة تبدو حاسمة قدرة الأحزاب التقليدية على البقاء مرهونة بمدى استعدادها لتغيير أدواتها وأساليبها بما يتناسب مع الواقع الجديد، أما القوى الناشئة، فمستقبلها يعتمد على التحول من مجموعات احتجاجية إلى كيانات سياسية منظمة قادرة على المنافسة في أي استحقاق قادم.

في المحصلة، الخريطة الحزبية في لبنان تعيش اختباراً صعباً بين إعادة التموضع للحفاظ على النفوذ، أو مواجهة خطر التراجع أمام موجة غضب شعبي متصاعدة. والبعد الاقتصادي يظل عاملاً أساسياً في تحديد مآلات هذه التحولات. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5