تواجه إثيوبيا تحدياً مالياً غير مسبوق خلال السنوات المقبلة، إذ تقدر احتياجاتها التنموية بما بين 257 و397 مليار دولار لتغطية أولوياتها الوطنية، هذا الرقم الضخم يضع البلاد أمام اختبار صعب يتمثل في تحقيق نمو اقتصادي سريع مع محدودية الموارد المتاحة، ما يجعل إدارة التنمية أكثر تعقيداً.
وصدر التقرير خلال مؤتمر "حوارات التأثير في إثيوبيا" تحت عنوان "مواءمة الأولويات لتسريع وتوسيع نطاق الاستثمار المؤثر في إثيوبيا"، ونقلته وسائل إعلام محلية، حيث عرض خبراء الاقتصاد والتمويل تقديراتهم حول الفجوة التمويلية المطلوبة لتحقيق الأهداف التنموية.
اقتصاد سريع النمو يواجه قيود التمويل:
رغم أن إثيوبيا تعد من بين أسرع الاقتصادات نمواً في إفريقيا، بمعدل نمو بلغ 7.3% في عام 2023/2024 بحسب تقرير بنك التنمية الأفريقي، فإن احتياجاتها التمويلية تتجاوز بكثير القدرة المحلية على جمع الإيرادات التقليدية.
العجز المالي في الخطة التنموية العشرية:
تشير البيانات إلى أن الإيرادات المحلية من الضرائب وغيرها تصل إلى نحو 18.13 مليار دولار سنويًا، بينما توفر المصادر الدولية العامة مثل القروض والمساعدات حوالي 4.4 مليار دولار، وتضيف التدفقات الخاصة نحو 16 مليار دولار من التحويلات والاستثمارات الأجنبية.
مع ذلك، يبقى العجز قائماً عند 11.2% من خطة التنمية العشرية، مما يترك جزءًا كبيرًا من النفقات بلا تغطية.
تمويل المناخ كعبء إضافي:
لا يقتصر التحدي على التمويل العام، إذ تمتد الحاجة إلى تمويل مشاريع التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معها.
وتقدّر الاحتياجات الإضافية بحوالي 252.8 مليار دولار بحلول 2030، ما يزيد الضغوط على موارد الدولة.
أدوات مبتكرة لردم الفجوة التمويلية:
مواجهة الفجوة تتطلب أدوات جديدة، مثل السندات الخضراء، وأسواق الكربون، ومقايضات الديون مقابل مشاريع مناخية، ما يفتح المجال لشراكات واسعة مع المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص العالمي.
رفع الطموحات التصديرية إلى 9.4 مليار دولار:
ضمن خطة تنويع الموارد، تهدف إثيوبيا إلى رفع صادراتها إلى 9.4 مليار دولار، لتعزيز مواردها الخارجية وتقليل الاعتماد على المساعدات التقليدية.
مشاريع استثمارية:
خلال افتتاح سد النهضة الإثيوبي في التاسع من الشهر الجاري، كشف رئيس الوزراء آبي أحمد عن خطة استثمارية بقيمة 30 مليار دولار تشمل محطة طاقة نووية، ومصفاة نفط، ومنشأتين للغاز الطبيعي، إضافة إلى مطار دولي جديد يعد الأكبر في إفريقيا.
الطاقة المتجددة والنووية في قلب الاستراتيجية:
تهدف المشاريع الجديدة إلى تقليل الاعتماد شبه الكامل على السدود المائية، وتوسيع مصادر الطاقة لتشمل النووية والغاز، ما يعزز قدرة البلاد على تنويع مواردها وتحقيق استقرار أكبر في الكهرباء.
معادلة معقدة بين النمو والتنمية:
في ظل هذه المعطيات، تجد إثيوبيا نفسها أمام تحدٍّ مزدوج: تحقيق نمو سريع مع قدرة تمويلية محدودة، والاستمرار في مشاريع ضخمة تتطلب تمويلًا مستدامًا.
نجاح الحكومة سيظل مرتبطًا بجذب استثمارات مؤثرة، وتوسيع الشراكات العابرة للحدود لموازنة التنمية وضمان الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.