ديون لبنان: هل تعيد خطة الحكومة الاستقرار أم تزيد الأزمات؟

2025.09.29 - 04:07
Facebook Share
طباعة

في وقت يترقب فيه اللبنانيون أي بارقة أمل للخروج من الأزمة المالية المستمرة منذ ست سنوات، أعلنت الحكومة عن ملامح خطة لإعادة هيكلة الديون السيادية التي تجاوزت 120 مليار دولار، الخطوة وُصفت بأنها محورية لإعادة التوازن إلى المالية العامة، لكنها في الوقت نفسه تثير قلقاً واسعاً بشأن انعكاساتها على المودعين والقطاعات الاقتصادية المختلفة.

الخطة ترتكز على شطب جزء من الديون وإعادة جدولة المتبقي على مدى سنوات طويلة، إلى جانب محاولة استعادة الثقة بالقطاع المصرفي إلا أن التحليلات تشير إلى غياب الشفافية في الإعلان عن تفاصيل إعادة الجدولة يفتح الباب أمام تكهنات واسعة، ويجعل المواطنين في حالة ترقب مشوب بالقلق.
فالتجارب السابقة مع خطط الإنقاذ لم تؤدِ إلا إلى مزيد من الأعباء على الطبقات الوسطى والفقيرة.

على المستوى الاقتصادي، تواجه الخطة تحدياً أساسياً يتمثل في معالجة التضخم، إذ فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها منذ 2019، ما أدى إلى تآكل الرواتب والمدخرات، يرى خبراء أن أي محاولة لإعادة جدولة الديون دون إصلاحات مالية موازية في النظام الضريبي والقطاع العام ستبقى ناقصة، وقد تترجم إلى تضخم إضافي يرهق الأسواق والقدرة الشرائية للمواطنين.

القطاعات الإنتاجية بدورها تترقب انعكاسات الخطوة، من جانبه، القطاع الصناعي يواجه صعوبة في استيراد المواد الأولية بالدولار، فيما يعاني القطاع التجاري من ركود مزمن بسبب ضعف الطلب المحلي. نجاح إعادة الهيكلة قد يفتح المجال أمام تمويل خارجي جديد، لكن من دون إصلاح بيئة الأعمال ومكافحة الاحتكار، فإن الاستثمارات ستظل محدودة.

في المقابل، يبرز جانب إيجابي محتمل يتمثل في أن إعادة جدولة الديون قد تمنح الدولة مساحة زمنية لتخفيف الضغوط على الخزينة العامة.
هذه الخطوة، إذا نُفذت بدقة، يمكن أن تؤسس لاستقرار نسبي في المالية العامة، ما ينعكس على ضبط سعر الصرف وتحسين الثقة في المصارف. غير أن ذلك يتطلب إشرافاً صارماً على كيفية توزيع الخسائر بين الدولة والمصارف والمودعين.

من زاوية اجتماعية اقتصادية، تبقى المخاوف الأكبر متعلقة بصغار المودعين والموظفين الذين فقدوا جزءاً كبيراً من قدرتهم الشرائية. أي قيود جديدة على السحوبات أو إعادة هيكلة جائرة للودائع ستؤدي إلى تفاقم الاحتقان، خصوصاً أن هذه الفئات لم تعد تملك هامشاً للمناورة في مواجهة الغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

في المحصلة، خطة إعادة هيكلة الديون المعلنة، تمثل لحظة فارقة في مسار الأزمة اللبنانية. فهي من جهة تحمل إمكانية تخفيف الأعباء على الدولة وإعادة فتح قنوات التمويل الخارجي، لكنها من جهة أخرى قد تتحول إلى عبء إضافي على المواطنين إذا لم تُطبق بشفافية وإصلاحات موازية. بين هذين الاحتمالين، يبقى مستقبل الاقتصاد اللبناني معلقاً على التنفيذ الفعلي والقدرة على موازنة مصالح الدولة والمصارف والمجتمع. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 5