بدأت الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، وسط أجواء متوترة، حيث شهدت نقاشات حادة بين النواب حول قانون الانتخابات النيابية وحق المغتربين في التصويت.
تأتي هذه الجلسة في وقت حرج من العملية السياسية، مع اقتراب مواعيد الانتخابات النيابية، ما يسلط الضوء على جدية الكتل النيابية في ضمان مشاركة اللبنانيين في الخارج وتحقيق التوازن في تمثيلهم. الانقسامات الحادة بين الكتل، ورفض بعض النواب مناقشة تعديل القانون، أثارت تساؤلات حول قدرة المجلس على إدارة الملفات الانتخابية الحيوية.
الخلافات داخل المجلس التشريعي:
شهدت الجلسة سجالات بين النواب، كان أبرزها بين النائب علي حسن خليل والنائب جورج عدوان، وسط تهديد رئيس المجلس نبيه بري برفع الجلسة إذا لم تتم مناقشة الملفات. وأعلن النائب سامي الجميل انسحاب كتلة "الكتائب" احتجاجاً على عدم طرح اقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق بالانتخابات، مؤكداً أن عدم حسم الموضوع سيؤثر على حق مئات الآلاف من اللبنانيين في الخارج ويهدد نزاهة العملية الديمقراطية.
النائب علي حسن خليل رد على انسحاب عدوان ملاحظاً "الواضح أن بعض النواب يسعون لتطيير الانتخابات"، وهو ما أثار استهجاناً في الجلسة.
التوتر السياسي في المجلس يوضح التحديات التي تواجه عملية إقرار التشريعات الضرورية، ولاسيما في ظل تعدد المصالح السياسية وعدم وجود توافق كامل حول كيفية إدارة الانتخابات.
حق المغتربين والمقاعد الستة:
أثار ملف اقتراع المغتربين جدلًا واسعًا بين النواب، حيث أكد النائب علي فياض من كتلة الوفاء للمقاومة وجود محاولات لتغيير الخريطة النيابية عبر الاستقواء بأصوات اللبنانيين في الخارج. وأوضح فياض أن هناك تحديات كبيرة في تطبيق قانون الانتخابات بالنسبة للمقاعد الستة المخصصة للمنتشرين، بما يشمل فقدان تكافؤ الفرص وصعوبة إشراف لجنة الانتخابات على الخارج، ما قد يفتح المجال لتدخلات خارجية تؤثر على نزاهة العملية.
النائب فادي كرم من تكتل "الجمهورية القوية" أشار إلى أن اللجان الفرعية التي تناقش القانون الانتخابي أصبحت "مقبرة للمشاريع"، مشددًا على أن عدم إدراج تعديلات على القانون يعطل حق المغتربين في المشاركة الكاملة في الانتخابات. أما النائب أنطوان حبشي فقد ركز على أن الطريقة الحالية لإدارة المجلس واللجان تؤدي إلى حرمان اللبنانيين في الخارج من ممارسة حقوقهم الانتخابية، داعيًا إلى طرح القانون المعجل المكرر للتصويت بشكل عاجل.
موقف الحكومة والكتل السياسية:
طالب النائب جبران باسيل الحكومة بتطبيق القانون وعدم تحميل المجلس النيابي مسؤولية التأجيل، مؤكداً على ضرورة البدء بعملية تسجيل المنتشرين لضمان مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات.
النائب سامي الجميل شدد على أن جلسة المجلس الحالية كانت فرصة لتوضيح كيفية تطبيق القانون للمنتشرين، سواء للمقاعد الستة أو للمقاعد الـ128، عدم مناقشة الموضوع قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات أو حرمان المغتربين من التصويت.
في المقابل، أوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري، القانون الحالي نافذ، الحق في المشاركة يجب أن يُحترم أينما كان، مع الإشارة إلى أي تعديل يجب أن يتم وفق الإجراءات القانونية المعمول بها، هذه المواقف تعكس صعوبة التوازن بين الالتزام بالقانون وضمان مشاركة جميع اللبنانيين في الانتخابات المقبلة.
الأبعاد السياسية والتداعيات:
الجلسة كشفت عن خلافات جوهرية بين الكتل السياسية حول إدارة الانتخابات وحق المغتربين، وهو ما يعكس صعوبة الوصول إلى توافق سياسي شامل في ظل الاستحقاقات المقبلة، هذا الوضع قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مصداقية الانتخابات وعلى تمثيل المغتربين، الذين يمثلون شريحة مهمة من الكفاءات اللبنانية وتطلعات النهوض الاقتصادي والسياسي.
الجلسة التشريعية الأخيرة لمجلس النواب أظهرت انقسامات عميقة حول قانون الانتخابات وحق المغتربين في التصويت، مع انسحاب بعض الكتل احتجاجًا على عدم مناقشة التعديلات الضرورية. استمرار هذا الوضع يطرح تحديات جدية لإدارة الانتخابات المقبلة ويبرز الحاجة إلى حوار عاجل بين النواب والحكومة لضمان مشاركة جميع اللبنانيين، سواء في الداخل أو الخارج، وللحفاظ على نزاهة العملية الديمقراطية ومصداقية المجلس.
التوترات السياسية الحالية تبين تعقيدات المشهد اللبناني، حيث تتداخل مصالح الكتل المختلفة مع الالتزامات القانونية وحقوق المواطنين، مما يضع ضغطًا على المجلس لضمان توافق وطني يسمح بإجراء الانتخابات في موعدها ويحمي حقوق المغتربين.