ملفات إبستين.. قضية تهز الكونغرس وتعيد الجدل حول "شبكة النفوذ والفضائح"

2025.09.29 - 07:47
Facebook Share
طباعة

أثارت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين عاصفة سياسية وإعلامية في الولايات المتحدة بعد تصريحات مثيرة للجدل أعلنت فيها أنها "ليست انتحارية"، محذّرة من احتمال تعرضها لمكروه بسبب دعمها قرارًا في الكونغرس يطالب بنشر الملفات السرية المتعلقة بالمجرم الجنسي جيفري إبستين. هذا التحذير لم يكن مجرد تصريح عابر، بل فتح الباب واسعًا أمام نقاش حول مدى حساسية هذه الملفات، وما إذا كانت تحوي أسرارًا قد تهز دوائر النفوذ في واشنطن وخارجها.

جيفري إبستين، الممول الأميركي الشهير، اعتُقل عام 2019 بتهم تتعلق بالاتجار الجنسي بالقاصرات وإدارة شبكة استغلال واسعة النطاق ضمت شخصيات سياسية ومالية بارزة. ورغم توقيفه، توفي في زنزانة بسجن مانهاتن في أغسطس 2019، في حادثة وصفت رسميًا بأنها "انتحار"، لكنها سرعان ما تحولت إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة للنظريات والجدل في أمريكا، نظرًا لعلاقاته الواسعة مع شخصيات نافذة واتهامات بوجود "تستّر مؤسسي" لمنع تسريب معلومات حساسة.

غرين، المعروفة بمواقفها اليمينية الصادمة، لجأت إلى منصة "إكس" (تويتر سابقًا) لتصرّح بوضوح: "أنا لست انتحارية، أنا من أسعد وأصح الناس. إذا حدث لي شيء، فلتعلموا أن هناك قوى نافذة تسعى لإسكاتي". واعتبرت أن القضية تتجاوز الانقسام الحزبي، مؤكدة أنها ستقف دائمًا مع النساء والفتيات اللواتي تعرضن للاستغلال والاعتداء الجنسي، داعية إلى كشف "شبكة الاغتصاب والاتجار بالأطفال" التي ارتبطت باسم إبستين.

مشروع القرار رقم 581: تدعمه غرين مع مجموعة صغيرة من الجمهوريين (توماس ماسي، نانسي مايس، لورين بوبيرت) إلى جانب أكثر من 200 ديمقراطي، يطالب وزارة العدل بالكشف العلني عن كافة الوثائق والمراسلات المتعلقة بإبستين وشريكته غيسلين ماكسويل.

الطابع العابر للأحزاب: اللافت أن المشروع يجمع أسماء متباينة سياسيًا مثل ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز (ديمقراطية تقدمية) ونانسي بيلوسي (الرئيسة السابقة لمجلس النواب) مع غرين، وهو ما يعكس حجم التوافق على خطورة القضية.

مؤتمر صحفي لافت: غرين وماسي وقفا إلى جانب الديمقراطي رو خانا في مؤتمر صحفي حاشد وصفته غرين بأنه "الأكبر منذ دخولها الكونغرس"، مشيرة إلى أن هذه القضية "تهم الأميركيين جميعًا، ولا تعترف بحدود سياسية".

تحذير غرين من "الانتحار المصطنع" يعكس شعورًا بوجود تهديدات فعلية أو محتملة ضد السياسيين الذين يضغطون لنشر الملفات. هذه التصريحات أعادت للأذهان الشبهات القديمة التي صاحبت وفاة إبستين، وسط اعتقاد واسع بأن رحيله كان جزءًا من عملية "إسكات" لحماية أسماء وشخصيات متورطة في الشبكة.

وفي حال جرى الكشف عن الوثائق بشكل كامل، فقد يؤدي ذلك إلى تداعيات كارثية على سمعة شخصيات سياسية واقتصادية كبرى داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهو ما يجعل القضية شديدة الحساسية.

القضية وجدت صدى واسعًا بين الأميركيين، حيث يطالب قطاع كبير من الرأي العام بالكشف عن الحقيقة كاملة، خاصة وأن اسم إبستين ارتبط بعلاقات مع قادة دوليين، رجال أعمال بارزين، وشخصيات في الإعلام والثقافة. هذا الزخم الشعبي يضع المؤسسات الأميركية أمام اختبار صعب بين حماية "أسرار الدولة العميقة" وبين الالتزام بمبدأ الشفافية.

تحذير مارجوري تايلور غرين لا يمكن قراءته بمعزل عن حالة الشك العميق التي تسيطر على المجتمع الأميركي بشأن قضايا النفوذ والعدالة. فملف إبستين تحوّل إلى رمز لـ"الدولة الخفية" وشبكات المصالح المحمية. ومع تصاعد الضغوط في الكونغرس لنشر الملفات، تبدو الولايات المتحدة على أعتاب فضيحة سياسية – اجتماعية كبرى قد تعيد صياغة العلاقة بين السلطة والرأي العام، وقد تهز ثقة الأميركيين بمؤسسات العدالة نفسها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 8