تشهد إسرائيل واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل خلال موجة الاحتجاجات المستمرة ضد حكومة بنيامين نتنياهو، إذ كشفت النيابة العامة عن لائحة اتهام ضد أربعة متظاهرين متورطين في تنفيذ ما عُرف إعلاميًا باسم "مخطط الطوق الناري"، وهو تحرك احتجاجي خطير استهدف محيط مقر إقامة رئيس الوزراء في حي رحافيا بالقدس.
بحسب ما أُعلن، فإن المتهمين الأربعة ــ مارك فويغل (57 عامًا من تل أبيب)، عاموس دورون (60 عامًا من رمات غان)، شموئيل رؤوفيني (61 عامًا من هرتسليا)، وأيال غيلر (54 عامًا من نتيف هعسرة) ــ خططوا مسبقًا للعملية. فقد أنشأوا مجموعة اتصال عبر تطبيق "سيغنال" لتنسيق خطواتهم، وقاموا بجلسة إحاطة وزعوا خلالها المهام، ثم تزودوا بمواد قابلة للاشتعال بهدف إضرام النيران في عدة نقاط قريبة من منزل نتنياهو.
النيابة أوضحت أن الهدف من هذه الخطوة كان خلق "طوق ناري" يرمز إلى محاصرة رئيس الوزراء سياسيًا وشعبيًا، في ظل تصاعد الغضب من سياساته، خصوصًا مع استمرار المطالبات الشعبية بتحرير الأسرى الفلسطينيين وتغيير النهج الأمني للحكومة.
في فجر الثالث من سبتمبر 2025، عند الساعة 06:29 صباحًا، أشعل المتهمون النيران في خمس حاويات لإعادة التدوير موزعة في مواقع مختلفة من الحي الراقي. أدت العملية إلى اندلاع حرائق امتدت للنباتات وبعض الممتلكات الخاصة، كما تضررت مركبة لأحد السكان المحليين، واضطر سكان مبنى مجاور لإخلاء منازلهم خشية امتداد النيران.
أحد المتهمين وصل إلى الموقع متنكرًا، واضعًا قبعة ولحية مستعارة، قبل أن يخرج مادة حارقة من كيس كان يحمله ويشعل بها إحدى الحاويات. التقرير الأمني كشف أنه كاد أن يتعرض لإصابة جراء طريقة الإشعال الخطرة، لكنه فرّ سريعًا من المكان، متخلصًا من أدوات التنكر قبل أن يُلقى القبض عليه لاحقًا.
وجهت النيابة إلى المتهمين خمس تهم رئيسية:
1. الحرق العمد لخمس حاويات قمامة.
2. إتلاف الممتلكات بسوء نية.
3. عرقلة سير العدالة عبر محاولة محو الأدلة وإخفاء الهوية.
4. التخريب المتعمد لمركبة خاصة.
5. تعريض حياة السكان للخطر جراء الحرائق.
كما طلبت النيابة العامة احتجاز المتهمين حتى استكمال جميع الإجراءات القضائية، في ظل خطورة الأفعال التي ارتكبوها وتداعياتها الأمنية.
القضية لا تُختزل في أبعادها الجنائية فقط، بل تعكس حالة الاحتقان الشعبي المتنامي ضد حكومة نتنياهو. فاستهداف محيط مقر رئيس الوزراء بالنيران، حتى لو في إطار رمزي، يمثل تطورًا غير مسبوق في أشكال الاحتجاج، ويكشف انتقال الغضب من ساحات المظاهرات التقليدية إلى أعمال أقرب إلى "العصيان المدني الخطر".
هذا الحادث يأتي في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية والخارجية لسياسات نتنياهو، سواء على صعيد الحرب المستمرة في غزة، أو على خلفية الانقسامات السياسية الداخلية ومحاولات تمرير تشريعات مثيرة للجدل.
تفاصيل "مخطط الطوق الناري" قرب منزل نتنياهو تمثل إنذارًا جديدًا للسلطات الإسرائيلية بأن الأزمة الداخلية آخذة في التعمق، وأن الاحتجاجات الشعبية تتجاوز سقف الشعارات والهتافات لتصل إلى أشكال أكثر جرأة وخطورة.