هل تطيح خلافات البعثة والأطراف الليبية بفرص الحل؟

2025.09.28 - 05:01
Facebook Share
طباعة

اتهم منصور الحصادي، عضو المجلس الأعلى للدولة وقيادي في جماعة الإخوان المسلمين، المبعوث الأممي حنا تيته بمحاولة عرقلة جهود التوافق بين مجلس الدولة ومجلس النواب، وذلك عبر ما وصفه بتجاهل طبيعة المجلس الداخلية وتعدد مكوناته الجغرافية والسياسية، وجاءت هذه التصريحات في وقت بالغ الحساسية من المسار السياسي الليبي، حيث تتواصل الضغوط المحلية والدولية لدفع الأطراف نحو صياغة قاعدة دستورية تمهيداً للانتخابات المؤجلة منذ سنوات.

موقف الحصادي يحمل أبعاداً تتجاوز مجرد الخلاف الشخصي مع المبعوث الأممي، إذ يعكس شعوراً متنامياً داخل بعض مكونات مجلس الدولة بأن البعثة الأممية لم تعد تلعب دور الوسيط المحايد، بل تتحول تدريجياً إلى طرف يميل لمواقف محددة على حساب أخرى، هذا التصور يخلق حالة من التوتر بين المجلس والبعثة، ويضعف من فرص بناء الثقة الضرورية لإنجاح أي عملية سياسية.

من الناحية السياسية، يبرز اتهام الحصادي كمؤشر على استمرار الانقسام العميق بين المؤسسات الليبية، حيث يرى بعض الأعضاء أن تجاهل الخلافات داخل المجلس أو التقليل من أهميتها يفتح الباب أمام تعقيد إضافي للمشهد.
فالمجلس الأعلى للدولة يبين توازنات جهوية وأيديولوجية حساسة، وأي إغفال لها قد يثير ردود فعل رافضة تعرقل مسارات التفاوض مع مجلس النواب.

كما أن البعثة الأممية، التي يُفترض بها أن تكون جسراً بين الفرقاء، تواجه تحدياً متزايداً في الحفاظ على صورة الحياد. فكل تصريح أو تحرك غير محسوب قد يُستغل داخلياً لإثبات روايات متناقضة حول انحيازها، وهو ما يقلص فاعليتها في تيسير التوافق. وفي هذا السياق، جاءت اتهامات الحصادي لتضيف عبئاً جديداً على عمل المبعوث الأممي، خصوصاً في ظل حالة الجمود المستمرة التي تعصف بالملف الانتخابي.

وعلى الجانب الآخر، فإن هذه الاتهامات تكشف أيضاً عن معركة نفوذ داخلية داخل مجلس الدولة نفسه، حيث يسعى كل تيار لإثبات قوته وقدرته على التأثير في الموقف العام من البعثة الأممية. فالحديث عن "إفشال التوافق" قد يستخدم كورقة سياسية لإبراز فشل الطرف الآخر أو تحميله مسؤولية تعطيل المسار.

انعكاسات هذه التطورات لا تتوقف عند حدود الخلاف السياسي، بل تمتد لتؤثر على مستقبل العملية الانتخابية، إذ يزداد المشهد تعقيداً كلما غابت الثقة بين الفاعلين المحليين والدوليين. ويخشى مراقبون أن يؤدي استمرار هذا المناخ إلى إعادة إنتاج سيناريوهات سابقة من الانسداد السياسي، وقد يفتح الباب أمام عودة التصعيد الأمني في بعض المناطق.

في المحصلة، اتهامات الحصادي للمبعوث الأممي تسلط الضوء على هشاشة المسار الحالي، وتكشف أن التوصل إلى توافق حقيقي يتطلب معالجة عميقة لمصادر الانقسام داخل المؤسسات الليبية، إلى جانب ضمان حياد وفعالية الوساطة الأممية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2