تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطاً متزايدة على المستوى الدولي، بعد أن أعلن الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي رفض استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بوينس آيرس، رغم العلاقات الوثيقة التي تربط البلدين، القرار جاء على خلفية التوترات الداخلية في بوينس آيرس مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، حيث يخشى ميلي من ردود فعل شعبية سلبية قد تؤثر على شعبيته.
الخطوة تؤكد حجم الحرج الدولي الذي يحيط بإسرائيل، ولاسيما في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة والتي أودت بحياة آلاف المدنيين، بمن فيهم أطفال.
وفق تقارير حقوقية، إعلان الأرجنتين عن رفض استقبال نتنياهو يأتي ضمن سياق واسع من الحذر الدولي، حيث أصبح استقبال المسؤولين الإسرائيليين مرتبطًا بالحساسية الشعبية والالتزامات القانونية تجاه القانون الدولي وقرارات المحكمة الجنائية الدولية.
على المستوى القانوني، رفع عدد من المحامين ومنظمات حقوقية دعوى تطالب باعتقال نتنياهو فور وصوله، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما فيها القتل والاضطهاد واستخدام التجويع كسلاح في مواجهة المدنيين الفلسطينيين.
المدعيون، بمن فيهم الحائز على جائزة نوبل للسلام أدولفو بيريز إسكويفل، أبرزوا أن آلاف الأطفال فقدوا حياتهم نتيجة الهجمات الإسرائيلية، وأن الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية مباشرة عن الأضرار المادية والبشرية في غزة.
تداعيات القرار ليست محلية فقط، إذ تعكس حالة من العزلة المتزايدة لإسرائيل على الصعيد الدولي، وتضع نتنياهو أمام مأزق دبلوماسي، فقبول الدعوة قد يُفسّر داخليًا على أنه دعم دولي غير مشروط، بينما رفضها يزيد الضغوط القانونية والسياسية، ويزيد من الانتقادات الموجهة إليه من قبل المجتمع الدولي ووسائل الإعلام العالمية.
الأرجنتين، من جانبها، حرصت على التوضيح أن القرار لا يستهدف إسرائيل حصريًا، بل يشمل قيودًا عامة على استضافة الزعماء الأجانب خلال هذه الفترة الحساسة سياسيًا، في محاولة للحفاظ على توازن سياسي داخلي، وتجنب أي توتر شعبي قبل الانتخابات.
هذا القرار يظهر أيضًا حجم تأثير الرأي العام على السياسات الرسمية، ويعكس كيف يمكن للأوضاع الإنسانية في مناطق النزاع أن تؤثر على مسارات العلاقات الدولية.
في نيويورك، تزامنت أزمة الزيارة مع انسحاب معظم الوفود من قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة احتجاجًا على خطاب نتنياهو حول الحرب في غزة، ما أعطى مؤشرًا واضحًا على عزلة إسرائيل دبلوماسيًا، مع تصاعد الانتقادات الدولية لإجراءاتها العسكرية. هذه الوقائع تؤكد أن الضغوط الدولية لم تعد مجرد بيانات رمزية، بل أصبحت مرتبطة بمواقف عملية تؤثر على جدول أعمال المسؤولين الإسرائيليين وحركتهم على المستوى العالمي.
ختامًا، القرار الأرجنتيني ورفض استقبال نتنياهو يمثلان اختبارًا مهمًا للدبلوماسية الإسرائيلية، ويضعها أمام تحديات متعددة تتعلق بالقبول الشعبي، الالتزامات القانونية الدولية، والضغط الحقوقي. في الوقت نفسه، يعكس موقف الدول الكبرى والصغرى تجاه ملف غزة حساسيات جديدة حول المسؤولية الدولية تجاه المدنيين، ويجعل الملف الإنساني في قلب الحسابات الدبلوماسية القادمة.