قبل ساعات من دخول العقوبات الأممية على إيران حيز التنفيذ، كشف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن آخر تطورات الملف النووي الإيراني، مؤكدًا أن بلاده توصلت إلى تفاهم مع الأوروبيين، بينما كان الموقف الأميركي بعيدًا عن أي تسوية ممكنة.
رفض المطالب الأميركية
في تصريحات نارية على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصف بزشكيان المطالب الأميركية بـ"غير المقبولة"، مشيرًا إلى أن واشنطن طالبت إيران بتسليم كامل مخزون اليورانيوم المخصب مقابل تأجيل استئناف العقوبات لثلاثة أشهر. ووصف بزشكيان هذا العرض بأنه "أمر سخيف".
وأضاف: "إذا كان علينا أن نختار بين هذه المطالب غير المنطقية وآلية سناب باك، فإننا سنختار الأخيرة"، في إشارة واضحة إلى رفض إيران لأي ضغط يؤدي إلى المساس بسيادتها النووية.
موقف طهران من العقوبات
أكد الرئيس الإيراني أن بلاده لن تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي حتى مع إعادة فرض العقوبات، معتبراً أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تُظهر جدية في المحادثات النووية، بما في ذلك المفاوضات التي سبقت الهجوم الإسرائيلي على إيران.
يأتي هذا في وقت فشل فيه مسعى روسي-صيني لتأجيل إعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن الدولي، بعد تصويت أربع دول فقط لصالحه، مما مهد الطريق أمام تفعيل ما يعرف بـ"آلية الزناد" لإعادة العقوبات الدولية.
العلاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
في خطوة تصعيدية، ألمح بزشكيان إلى احتمال تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم الاتفاق الجديد الذي أبرم في القاهرة يوم 9 سبتمبر، وهو ما يعكس توتر العلاقة بين طهران والمؤسسات الدولية المعنية بالملف النووي.
الوساطة الأوروبية ومحاولات التهدئة
شهدت نيويورك هذا الأسبوع تحركات مكثفة على أعلى المستويات، أبرزها لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع بزشكيان، في مسعى لإيجاد تسوية جديدة قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ. ورغم ذلك، أكد ماكرون أن الوقت المتبقي لإبرام أي اتفاق ضئيل جدًا.
شروط الترويكا الأوروبية
طالبت دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) إيران بمنح مفتشي الوكالة الوصول الكامل إلى المنشآت النووية الأساسية، واستئناف المفاوضات مع واشنطن، مع وضع آلية لضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصب. من جانبها، تعتبر طهران هذه الشروط غير عادلة وضغوطًا مفتعلة، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي بالكامل.
يشكل هذا التصعيد مرحلة مفصلية في الملف النووي الإيراني، إذ تأتي تصريحات بزشكيان قبيل تفعيل العقوبات الأممية لأول مرة منذ سنوات، في وقت تبرز فيه فجوة واضحة بين الموقف الأميركي والموقف الأوروبي. كما يعكس تمسك إيران بسيادتها النووية، وسط محاولات دولية متكررة للضغط عليها عبر آليات قانونية ودبلوماسية.
يبقى التساؤل الرئيسي: هل ستواصل إيران تعاطيها الحذر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أم أن التصعيد سيفضي إلى مواجهة مفتوحة على المستوى الدولي؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد شكل المشهد السياسي والأمني في الشرق الأوسط خلال الأشهر المقبلة.