كشف مصدر مطلع أن الإدارة الأميركية قد وضعت خطة موسعة لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن 21 بنداً استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في القطاع، وإطلاق مسار سياسي مستقبلي نحو الدولة الفلسطينية، دون تهجير سكان القطاع، وبانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية. ووفق الوثيقة التي حصلت عليها صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن المقترح يركز على الإفراج الفوري عن الرهائن، إطلاق مئات السجناء الأمنيين الفلسطينيين، وإقرار حكومة انتقالية فلسطينية مؤقتة، بالإضافة إلى إعادة إعمار غزة اقتصاديًا وبنيويًا.
من الفوضى إلى مسار سياسي
تأتي هذه الخطة الأميركية بعد أشهر من التصعيد العسكري في غزة، الذي أسفر عن دمار واسع وخسائر بشرية كبيرة. ما يميز هذه الوثيقة هو تشجيع الفلسطينيين على البقاء في القطاع، وهي خطوة تُعد تحولاً جذرياً عن تصريحات سابقة للرئيس دونالد ترمب في فبراير الماضي، والتي ألمحت إلى نقل سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة خارج القطاع.
تُظهر الوثيقة أن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق التوازن بين مصالح إسرائيل، وحقوق الفلسطينيين، والشركاء العرب والدوليين، من خلال اعتماد حل شامل يجمع بين الأمن والتنمية والحقوق السياسية.
أبرز بنود الخطة الـ21
1. غزة خالية من التطرف والإرهاب، لتكون آمنة لجيرانها.
2. إعادة تطوير القطاع لصالح سكانه.
3. إنهاء الحرب فور الموافقة على الخطة، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية.
4. إعادة جميع الرهائن خلال 48 ساعة من القبول الإسرائيلي للاتفاق.
5. الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين، واسترجاع جثث القتلى.
6. منح عفو لأعضاء «حماس» الملتزمين بالسلام، مع توفير ممر آمن للراغبين بالمغادرة.
7. تدفق مساعدات إنسانية كبيرة فور الاتفاق، لا تقل عن 600 شاحنة يومياً، مع إعادة تأهيل البنية التحتية.
8. توزيع المساعدات بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات دولية مستقلة، دون تدخل الطرفين.
9. إدارة غزة عبر حكومة انتقالية فلسطينية مؤقتة، بإشراف هيئة دولية جديدة.
10. إعداد خطة اقتصادية شاملة لإعادة الإعمار، وتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل.
11. إنشاء منطقة اقتصادية مع تخفيضات جمركية.
12. السماح للفلسطينيين بالبقاء أو مغادرة غزة بحرية، مع تشجيعهم على بناء مستقبلهم داخل القطاع.
13. استبعاد «حماس» من حكم غزة بالكامل، مع التزام بتدمير البنية التحتية العسكرية الهجومية.
14. تقديم ضمانات أمنية من الشركاء الإقليميين لوقف أي تهديد من غزة لإسرائيل.
15. إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة لتأمين القطاع، وتدريب الشرطة الفلسطينية المحلية.
16. انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً، دون احتلال دائم أو ضم الأراضي.
17. تطبيق نقاط الاتفاق في المناطق الخالية من القتال إذا رفضت «حماس» المقترح.
18. ضمان عدم شن هجمات إسرائيلية مستقبلية على قطر، والاعتراف بدور الدوحة كوسيط.
19. برامج نزع التطرف والتوعية الدينية لتغيير العقليات.
20. تمهيد مسار مستقبلي نحو الدولة الفلسطينية عند نجاح إعادة التنمية وإصلاح السلطة.
21. حوار مستمر بين إسرائيل والفلسطينيين لإنشاء أفق سياسي للتعايش السلمي.
خطوة أميركية مدروسة
يظهر من البنود أن الخطة الأميركية تركز على توازن دقيق بين الأمن والتنمية والشرعية السياسية:
الجانب الإنساني يضمن الإفراج عن الرهائن والسجناء وإعادة بناء غزة.
الجانب السياسي يضع مساراً نحو دولة فلسطينية مستقبلية، دون إجبار أحد على الرحيل.
الجانب الأمني يشمل انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، وإنشاء قوة استقرار دولية، ونزع التطرف.
ويشير المحللون إلى أن هذه الخطة تمثل تطوراً استراتيجياً في سياسات واشنطن تجاه غزة، بعد سنوات من المقاربات العسكرية الجزئية، وتتناول قضايا لم يتم التطرق لها بشكل جاد من قبل، مثل تشجيع السكان على البقاء وتأسيس سلطة انتقالية محايدة.
خلال السنوات الماضية، عملت إسرائيل على تشجيع «الهجرة الطوعية» لسكان غزة، في حين ركزت القوى الفلسطينية على الصمود داخل القطاع. وقد شكلت تصريحات ترمب في فبراير الماضي صدمة دولية، حين تحدث عن السيطرة الأميركية على غزة وإعادة توطين السكان.
الخطة الحالية تظهر محاولة لتصحيح المسار، من خلال الاحتفاظ بالسكان وتهيئة بيئة سلمية قابلة للاستمرار، مع إشراك شركاء عرب ودوليين في تأمين غزة، وتمكين السلطة الفلسطينية من إصلاح برامجها.
مسار جديد للأمل
رغم عدم تحديد جدول زمني صارم لإنهاء الصراع، فإن هذه الوثيقة تمثل أقوى مقترح أميركي حتى الآن لتحقيق التعايش السلمي في غزة، مع ضمان حقوق السكان وإعادة إعمار القطاع. كما تعكس التزام واشنطن بالجمع بين الأمن والتنمية والشرعية السياسية، مع إشراك المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين في متابعة تطبيق الخطة.
إذا نجحت هذه المبادرة، فإنها قد تفتح بابًا جديدًا نحو مسار سياسي فلسطيني مستقبلي، بعيدًا عن التهجير والقمع العسكري، وتشكل فرصة نادرة لإعادة صياغة المشهد السياسي في غزة بما يخدم مصالح جميع الأطراف.