أردوغان يحذر واشنطن: الحياد أمام الظلم يشجع إسرائيل على إبادة الفلسطينيين

2025.09.26 - 01:07
Facebook Share
طباعة

غادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن بعد زيارة رسمية تخلّلتها مباحثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كانت الأبرز منها ملفا التعاون الدفاعي والإقليمي، وفي مقدمهما القضية الفلسطينية. في تصريحات للتق prensa على متن الطائرة أثناء عودته إلى أنقرة، كرّر أردوغان موقفه الداعم لجهود الاعتراف بدولة فلسطين ودعا إلى تحويل هذه القرارات إلى ضغوط دولية فعّالة على إسرائيل، معتبراً أن «البقاء محايدًا إزاء الظلم لا يعد حيادًا بل يشجع الظالم».

 


ما اتفق عليه الطرفان بشأن غزة والفلسطينيين
أفاد أردوغان بأن هناك «تفاهمًا» مع ترامب على ضرورة التوصل إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة والعمل نحو تسوية سياسية تستند إلى حل الدولتين. هذا الإعلان جاء بالتوازي مع تصريحات أمريكية أوردت أنّ ترامب أعرب عن قلقه من التدهور الإنساني في القطاع وأبدى رغبة في دعم جهود لوقف العنف، لكن تفاصيل آليات الضغط أو خطوات فرض حلول ملموسة بقيت غامضة. قراءة متأنّية تشير إلى أن الإعلان يمثل تفاهمًا سياسياً بيانياً أكثر منه تعهداً بآليات تنفيذية محددة.

الملف الدفاعي: استعادة جسور التعاون و«محفزات اقتصادية»

جلسة البيت الأبيض بحثت ملفات حسّاسة بينها مسألة عقوبات أمريكية سابقة وعلاقة تركيا بشراء منظومات دفاعية روسية (إس-400)، وتأثير ذلك على علاقات أنقرة مع حلفاء الناتو وبرامج مثل «إف-35». قال ترامب ضمنيًا إنه لا يستبعد رفع قيود أو تسهيل صفقات مستقبلية، فيما تحدث أردوغان عن «تقدّم» في مباحثات التعاون الدفاعي والتجاري مع الولايات المتحدة، مع الإشارة إلى هدف طموح لتوسيع حجم التبادل التجاري. هذا البعد يشير إلى رغبة متبادلة في تطبيع جزئي للعلاقات الاقتصادية والدفاعية إن توافرت تسويات فنية وسياسية.

الموازنة الإقليمية: تركيا كوسيط وعائدات دبلوماسية

زيارة أردوغان والتصريحات حول فلسطين تأتي في سياق سعي أنقرة لتعزيز دورها كوسيط إقليمي ورفع سقف حضورها الدبلوماسي بعد سنوات من التقاطعات مع واشنطن وموسكو. تأكيد أردوغان على ضرورة «موقف موحّد من المجتمع الدولي والمؤسسات القانونية» يعكس محاولة تركية لاستثمار زخم الاعترافات الدبلوماسية ببعض الدول لخدمة هدف سياسي إنساني وقانوني، ولكنه يحمل طابعًا أيضاً استراتيجيًا يهدف إلى تحسين موقع تركيا على ساحات التفاوض الدولي.

حدود التأثير: ما الذي يمكن أن يتغيّر فعلاً؟
رغم التصريحات المتفائلة، ثمة قيود عملية: السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وما يتصل بموازنات الضغط والدبلوماسية العامة داخل واشنطن لا تتغيّر بمجرد بيان تفاهم رئاسي، كما أن مصالح حلفية واستراتيجيات اقليمية (ملفات إيران، سوريا، وروسيا) ستكوّن معادلة معقدة. كذلك فإن قدرة تركيا على تحويل اعترافات رمزية للدول إلى «ضغط دولي فعّال» تتوقّف على تضافر دولي أوسع، بما في ذلك موقف دول أوروبية وعربية مؤثرة والمنظمات الدولية.

 

زيارة أردوغان لواشنطن وبيانه بأن «البقاء محايدًا إزاء الظلم لا يعد حيادًا» شكّلت لحظة دبلوماسية بارزة تعكس رغبة أنقرة في استثمار الأزمة الفلسطينية لتعزيز دورها الخارجي واستعادة خطوط تفاهم مع إدارة أمريكية جديدة. في المقابل، يبقى السؤال الأهم عمليًا: هل ستتحول هذه التصريحات والتفاهمات المباشرة إلى آليات ضاغطة وقرارات سياسية قابلة للتنفيذ تجبر إسرائيل على تغيير سياساتها؟ التاريخ السياسي الحديث يشير إلى أن الفجوة بين البيان والتنفيذ قد تظلّ كبيرة ما لم يترجم الزخم السياسي إلى جسر مؤسسي واسع ومتوافق دوليًا.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8