في ظل الصدمات اليومية والحرب المستمرة، يتجاوز أثر النزاعات حدود الجسد ليطال النفس، حيث تزداد حاجة الأفراد إلى الدعم الفوري للتعامل مع الصدمات، يأتي الإسعاف النفسي الأولي كأداة عاجلة تمكن المتأثرين في غزة من مواجهة اللحظات الصعبة، مع التركيز على الفئات الأكثر هشاشة مثل الأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. هذه الخدمة الإنسانية لم تعد خيارًا، بل ضرورة أساسية لحماية الأرواح النفسية وتمكين المجتمع من الصمود.
يُعد الإسعاف النفسي الأولي تدخلًا عاجلًا يقدم خلال الساعات أو الأيام الأولى بعد الصدمة، ويهدف لتخفيف الألم النفسي ومنع الانهيار المبكر، وفقًا للمدرب سهيل الطناني، استشاري الحماية في غزة. ويؤكد الطناني أن الخدمة تتطلب تخصيص استراتيجيات لكل فئة من ذوي الإعاقة؛ فالأشخاص ذوو الإعاقة السمعية يحتاجون إلى مترجم لغة إشارة أو أساليب بديلة للتواصل، بينما يحتاج ذوو الإعاقة الحركية إلى مراعاة رغباتهم وحرية تحركهم، ويجب تبسيط الكلام والصبر مع الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.
تُبرز التدريبات العملية أهمية تجهيز البيئة لتلائم جميع الاحتياجات، من تهيئة القاعات لذوي الإعاقة الحركية إلى توفير مترجمين للأصمّاء وضبط الإضاءة والخطوط للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية الجزئية. ورغم محدودية الخبرات لدى بعض مقدمي الخدمة، فإن تعزيز البرامج التدريبية يشكل ركيزة لتوسيع نطاق الدعم ليشمل الجميع بلا استثناء.
تجارب المشاركات مثل سهام عويضة ودعاء قشلان أكدت أن التدريب منح أدوات عملية للتعامل مع المواقف الصعبة ومساندة الآخرين، مع تعزيز القدرة على الصمود أمام التحديات النفسية الناتجة عن النزوح والحرب. كما أكدت ندى زيارة أهمية الدمج بين ذوي الإعاقة وغيرهم، ما أتاح فهمًا أعمق لاحتياجات الفئات الهشة وضمان فاعلية التدخل النفسي.
يتضح من هذه التجارب أن الإسعاف النفسي الأولي لا يقتصر على استجابة سريعة لحظية، بل يشكّل ثقافة حماية مستمرة، تسهم في تمكين الأفراد من مواجهة الصدمات اليومية ومساعدة من حولهم. الخدمة تمثل جسرًا نحو التعافي النفسي، يعزز صمود المجتمع ويثبت أن الدعم النفسي لا يقل أهمية عن الدعم الجسدي في بيئة محفوفة بالتهديدات اليومية.