إغلاق معبر الكرامة يخنق فلسطين اقتصادياً وإنسانياً

2025.09.25 - 04:01
Facebook Share
طباعة

يشكل معبر الكرامة الرابط الوحيد بين الأراضي الفلسطينية والأردن، ومنه إلى العالم الخارجي. ويُعد هذا المنفذ الشريان الأساسي لحركة الأفراد والبضائع والمساعدات، لكن إغلاقه من جانب الاحتلال الإسرائيلي يحول المعبر إلى أداة حصار خانقة تعطل حياة الفلسطينيين وتدفعهم نحو أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة.
وزارة الاقتصاد الفلسطينية وصفت القرار بأنه شلّ كامل للتجارة وضربة مباشرة للأمن الغذائي، مؤكدة أن المعبر ليس مجرد نقطة عبور بل هو رئة يتنفس منها الفلسطينيون في ظل مئات الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

موقف وزارة الاقتصاد الفلسطينية:

في بيان رسمي، شددت الوزارة على أن الإغلاق يعطل الصادرات والواردات ويضر بالصناعات الوطنية التي تعتمد على المواد الخام المستوردة. كما نبهت إلى أن الاحتلال يستخدم المعابر كوسيلة ابتزاز سياسي وعقوبة جماعية بحق الشعب الفلسطيني. البيان أوضح أن استمرار هذا الوضع يمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ويؤدي إلى خنق الضفة الغربية عبر أكثر من 1200 حاجز وبوابة، وهو ما يشل الحركة الاقتصادية ويضرب الأمن الغذائي بصورة مباشرة.

رد الفعل الفلسطيني:

الجهات الفلسطينية وصفت القرار بأنه يمثل رد فعل انتقامي بعد المواقف الدولية المؤيدة لفلسطين في الأمم المتحدة. ورأت أن إسرائيل تحاول التمرد على القانون الدولي وفرض وقائع ميدانية تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، عشرات الآلاف من الفلسطينيين يستخدمون المعبر شهرياً، بينهم طلاب ومرضى وعمال، ما يعني أن القرار لا يقتصر على البعد الاقتصادي بل يضرب الحياة اليومية للفلسطينيين في العمق، ما يجري هو حلقة جديدة في سلسلة الضغوط التي تشمل الحصار المالي والاعتقالات والاقتحامات والضم، في محاولة إسرائيلية لفرض السيطرة الشاملة.

التداعيات الإنسانية المباشرة:

إغلاق المعبر ترك آلاف الفلسطينيين عالقين على الجانبين، سواء في الأردن أو في الضفة الغربية. هؤلاء العالقون انقطعوا عن أعمالهم ودراساتهم، بينما يعاني المرضى من صعوبة الوصول إلى المستشفيات خارج الأراضي الفلسطينية. كما أن انقطاع حركة التصدير والاستيراد يؤدي إلى نقص في السلع الأساسية وارتفاع الأسعار، ما يضاعف من معاناة الأسر الفقيرة التي تعيش أصلاً تحت ضغوط اقتصادية خانقة. هذا الوضع يهدد أيضاً بزيادة معدلات البطالة وإضعاف القدرة الشرائية، الأمر الذي يفتح الباب أمام أزمات اجتماعية جديدة.

الأبعاد الاقتصادية للأزمة:

من الناحية الاقتصادية، يشكل المعبر قناة رئيسية لتدفق السلع الفلسطينية إلى الأسواق الخارجية. إغلاقه يعني تعطيل الصادرات الزراعية والصناعية، وخسارة المزارعين والتجار لمواسم كاملة من الإنتاج. كما يعيق دخول المواد الخام اللازمة للمصانع المحلية، ما يؤدي إلى توقف الإنتاج وتعطيل عجلة الاقتصاد.
وزارة الاقتصاد الفلسطينية أكدت أن هذه التداعيات ستؤثر على الأمن الغذائي، إذ يعتمد الفلسطينيون بشكل أساسي على الاستيراد لتلبية احتياجاتهم من المواد الأساسية. وفي ظل غياب منافذ بديلة، يتحول الإغلاق إلى وسيلة لخنق الاقتصاد الفلسطيني ودفعه إلى مزيد من التبعية.

خلفيات معبر الكرامة:

افتتح معبر الكرامة عام 1994 عقب اتفاقية أوسلو، وكان من المفترض أن يشكل رمزاً للتواصل والانفتاح لكنه سرعان ما تحول إلى ورقة ضغط بيد الاحتلال الإسرائيلي الذي يسيطر بشكل كامل على إدارته وأمنه. على مدار العقود الماضية، استخدمت إسرائيل الإغلاق الجزئي أو الكلي للمعبر كأداة سياسية لمعاقبة الفلسطينيين أو الضغط على السلطة الفلسطينية. ورغم أن المعبر يفترض أن يكون تحت إشراف فلسطيني-أردني، فإن السيادة الفعلية تبقى بيد الاحتلال الذي يفرض شروطه وإجراءاته التعسفية.

البعد السياسي والإقليمي:

إغلاق المعبر لا ينفصل عن سياق أوسع يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالقرار يأتي في مرحلة تشهد زخماً دولياً بعد اعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية. ويعتبر الفلسطينيون أن هذه الخطوة تمثل اختباراً لجدية المجتمع الدولي في مواجهة إسرائيل، التي تواصل تحدي القرارات الدولية وتكثيف سياسات العقاب الجماعي. كما أن البعد الإقليمي حاضر بقوة، إذ أن الأردن يتأثر مباشرة بالإغلاق بحكم كونه الطرف الثاني في المعبر، وهو ما قد ينعكس على العلاقات الأردنية الإسرائيلية التي تمر أصلاً بحالة من التوتر.

سيناريوهات محتملة للأزمة:

في حال استمر الإغلاق لفترة طويلة، قد تتجه الأوضاع إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي في الضفة الغربية وغزة، سيناريو آخر يتمثل في تدخلات إقليمية ودولية للضغط على الاحتلال لفتح المعبر، خاصة أن تعطيل المساعدات الإنسانية يثير قلق المجتمع الدولي.
كما قد تشهد الساحة الفلسطينية تحركات سياسية وشعبية لرفض هذه السياسات، في ظل إدراك متزايد بأن المعابر تحولت إلى أدوات ابتزاز تضرب حق الفلسطينيين في الحياة والتنقل.

اختبار للشرعية الدولية:

الفلسطينيون يعتبرون أن إغلاق معبر الكرامة هو أول اختبار حقيقي لجدية الاعترافات الدولية الأخيرة بدولة فلسطين. فإذا لم تترجم هذه الاعترافات إلى خطوات عملية تضغط على الاحتلال لوقف سياساته، فإنها ستبقى مجرد تصريحات لا تحمل وزناً. من هنا، تطالب السلطة الفلسطينية الدول الداعمة لها بتحويل مواقفها السياسية إلى إجراءات ملموسة تدعم حق الفلسطينيين في الحرية والتنقل. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1