من بغداد إلى بيروت.. تحولات كبرى وعدم استقرار يلوح في الأفق

2025.09.24 - 05:31
Facebook Share
طباعة

شهدت الساحة السياسية في العراق ولبنان خلال الأسابيع الماضية تحولات حادة انعكست على استقرار المنطقة، مع عودة ملفتة للتيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، وتصعيد عسكري وأمني في جنوب لبنان عقب خسائر فادحة لحزب الله.

 


الصدر ومقاطعة الانتخابات العراقية

أعاد مقتدى الصدر خلط أوراق المشهد السياسي العراقي مجدداً، مع تأكيده على مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، واشتراط عودته إلى العملية السياسية بـ«إزالة الجميع» و«إصلاح جذري شامل». ويعد هذا الموقف امتدادًا لقراره عام 2022 بالانسحاب من البرلمان وسحب نواب كتلته الـ73، رغم تصدره الانتخابات السابقة.

بيان الصدر الأخير أربك القوى الشيعية التي كانت تراهن على دعمه، في وقت تتصاعد فيه المنافسة داخل العاصمة بغداد بين كبار الشخصيات الشيعية والقوى السنية الصاعدة، بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي. وتشمل المنافسة شخصيات مثل نوري المالكي، محمد شياع السوداني، ونعيم العبودي، في ظل غياب توافق داخلي واضح داخل الإطار التنسيقي.

رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني يسعى للحصول على ولاية ثانية، لكنه يواجه تحديات داخلية أبرزها التنافس مع المالكي، بالإضافة إلى ضغوط دولية، لا سيما من الولايات المتحدة التي أعادت التأكيد على منع مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات المقبلة.

يقول محللون إن الصدر قدم تصورًا نظريًا لـ«بديل» المقاطعة، لكنه لا يتوافق مع مشروع انتخابي ملموس في الوقت الراهن، ما يضع القوى الشيعية أمام تحديات كبيرة لإدارة فراغ سياسي محتمل قبل الانتخابات.

 


لبنان: أيلول الدموي لحزب الله

في لبنان، شهد شهر سبتمبر 2024 ما أسمته وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ«أيلول أسود» لحزب الله، نتيجة سلسلة غارات إسرائيلية أودت بحياة عدد كبير من قياداته العسكريين والتنفيذيين، في مقدمتهم أمين الحزب حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفي الدين، ومسؤول وحدة الأمن الوقائي نبيل قاووق.

ترافقت هذه الضربات مع موجات نزوح واسعة في جنوب لبنان، شملت نحو نصف مليون مدني، كما شهدت المنطقة غارات إسرائيلية مكثفة استهدفت البنية العسكرية للحزب، بالإضافة إلى عمليات اغتيال لقياديين في الحرس الثوري الإيراني متعاونين مع الحزب.

وعلى الرغم من هذه التطورات، استمر حزب الله في دعمه لغزة خلال «حرب الإسناد» ضد إسرائيل، ما دفع بالتقديرات إلى أن خسائره الميدانية والتنظيمية كانت الأكبر منذ الحرب الأهلية اللبنانية.

في المقابل، استمر خرق إسرائيل لبنود وقف الأعمال العدائية منذ تنفيذه في 27 نوفمبر 2024، من خلال غارات شبه يومية على جنوب لبنان، واستمرار وجودها في خمس نقاط محددة، مع عمليات تجريف وتفجير تستهدف مواقع مزعومة للحزب.

 


يشكل كل من موقف الصدر في العراق والتطورات العسكرية في لبنان انعكاسًا لصراعات سياسية وأمنية أوسع في المنطقة، حيث تتقاطع الحسابات الانتخابية المحلية مع الضغوط الإقليمية والدولية، في وقت تعيش القوى السياسية التقليدية أزمة ثقة ومنافسة شديدة. في العراق، يشكل غياب التيار الصدري تحديًا لمستقبل التحالفات الشيعية، بينما يواجه حزب الله في لبنان إعادة هيكلة بعد خسائر فادحة، وسط استمرار تهديدات إسرائيلية.

هذا المشهد يعكس مرحلة غير مسبوقة من عدم الاستقرار السياسي والعسكري في كل من العراق ولبنان، مع تداعيات محتملة على الأمن الإقليمي ومستقبل التحالفات المحلية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2