شهد الجنوب اللبناني خلال الساعات الأخيرة تصعيدًا جديدًا مع استمرار الخروقات الجوية الإسرائيلية، حيث ألقت طائرة مسيّرة إسرائيلية "جسمًا مشبوهًا" فوق منطقة في قضاء النبطية، فيما أكدت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) سقوط مسيّرة إسرائيلية داخل مقرها في الناقورة. هذه التطورات تعيد إلى الواجهة مسألة انتهاك القرار 1701 وتثير المخاوف من زعزعة الاستقرار الهش على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
بحسب الوكالة الوطنية للإعلام، حلّقت طائرات استطلاع إسرائيلية منذ صباح الأربعاء على علو منخفض فوق الضاحية الجنوبية لبيروت وصولًا إلى مناطق جبل لبنان، قبل أن تعمد إحدى المسيّرات إلى إلقاء جسم مشبوه للمرة الثانية خلال اليوم نفسه فوق الوادي الفاصل بين بلدات حومين الفوقا ودير الزهراني وحبوش.
بالتوازي، أعلنت المتحدثة باسم "اليونيفيل"، كانديس أرديل، أن مسيّرة إسرائيلية سقطت أمس الثلاثاء داخل المقر العام للبعثة في الناقورة، موضحة أنها لم تكن مسلّحة بل مزودة بكاميرا، وأن فرق نزع الذخائر تعاملت معها فورًا. وأكدت أن الجيش الإسرائيلي اعترف بملكية المسيّرة.
أرديل شددت على أن سقوط المسيّرة يُعد انتهاكًا جديدًا للقرار 1701 ولسيادة لبنان، مذكّرة بأن القوات الدولية تحتج رسميًا على أي تهديد يطال أفرادها أو مقراتها، وأنها تعمل "بحيادية وثبات لدعم الأمن والاستقرار" رغم التحديات المتزايدة.
الانتهاك الأخير يأتي بعد أسابيع من حادثة أكثر خطورة في 3 سبتمبر الجاري، حين أعلنت "اليونيفيل" أن مسيّرات إسرائيلية ألقت أربع قنابل على قواتها أثناء إزالة عوائق قرب الخط الأزرق، في ما وصفته البعثة بأنه "أخطر هجوم" منذ سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في نوفمبر 2024.
تجدر الإشارة إلى أن القرار 1701، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في أغسطس 2006، وضع إطارًا لوقف الأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله، ونص على أن تكون المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي مسلحين أو أسلحة باستثناء الجيش اللبناني و"اليونيفيل". لكن إسرائيل تواصل تنفيذ طلعات جوية بشكل شبه يومي فوق لبنان، في حين تؤكد تل أبيب أن عملياتها تستهدف مواقع أو إمدادات لحزب الله.
تكرار سقوط المسيّرات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، ووصول الأمر إلى استهداف مواقع تابعة لـ"اليونيفيل"، يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل التهدئة القائمة بموجب اتفاق نوفمبر 2024. فبينما تعتبر الأمم المتحدة هذه الأفعال خرقًا واضحًا للقرار 1701، تصر إسرائيل على تبرير تحركاتها باعتبارها "دفاعًا استباقيًا" ضد حزب الله. وفي ظل استمرار غياب أي تسوية نهائية، يبدو أن الجنوب اللبناني يبقى عرضة لموجات توتر متجددة قد تتجاوز إطار الخروقات الجوية إلى مواجهة أوسع.