بين التهديدات والتفاهمات.. مفاوضات سوريا وإسرائيل في مفترق حاسم

2025.09.24 - 12:34
Facebook Share
طباعة

في نيويورك، وعلى هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تصاعدت التحركات السياسية والدبلوماسية لسوريا وإسرائيل، في ظل تحذيرات الرئيس السوري أحمد الشرع من تداعيات التأخر في التوصل إلى اتفاق أمني. تأتي هذه التحركات في سياق توترات إقليمية متشابكة، حيث تشكل الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وأوضاع الجولان عاملاً مضاعفًا للضغط على دمشق، فيما تسعى الولايات المتحدة عبر ممثليها، وعلى رأسهم توم براك، إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين.

 

أوضح الرئيس الشرع خلال جلسة حوارية نظمها "معهد الشرق الأوسط" في نيويورك أن سوريا لا تشكل مصدر تهديد لإسرائيل، وأن ما يُسجل من خروقات للسيادة السورية من قبل تل أبيب يفاقم المخاطر الإقليمية. وأكد أن أي حديث عن تقسيم سوريا أو تغيير حدودها يُعد كارثيًا على المنطقة بأكملها، بما يشمل الأردن والعراق وتركيا. وأشار الشرع إلى أن بلاده خرجت لتوها من حرب طويلة دامت أكثر من عقد ونصف، وأن أي تراجع أو تأخر في التوصل إلى تفاهم أمني قد يعيد المنطقة إلى مربع الصراعات السابقة.

وأضاف الرئيس السوري أن الاتفاقات المحتملة يجب أن تُبنى على أساس اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، مع ضمان سيادة الدولة وسلامة أراضيها، وتوفير حماية للحدود من الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.

 

من جانبه، صرح المبعوث الأميركي الخاص لسوريا توم براك بأن دمشق وتل أبيب تقتربان من التوصل إلى اتفاق "خفض التصعيد"، يتم بموجبه وقف الهجمات الإسرائيلية، بينما توافق سوريا على عدم تحريك أي آليات أو معدات ثقيلة قرب الحدود. وأكد براك أن الاتفاق يمثل الخطوة الأولى نحو اتفاق أوسع يشمل الجوانب الأمنية بين الطرفين، مشيرًا إلى أن عطلة السنة اليهودية الجديدة أثرت على وتيرة المفاوضات، وأن الإعلان الرسمي عن الاتفاق قد يتم خلال الأسبوع الحالي.

 

منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شهدت الأراضي السورية توغلات مستمرة من قبل القوات الإسرائيلية في الجولان، وشملت الهجمات الجوية مناطق مختلفة مثل القنيطرة ودرعا وريف دمشق. وقد أدانت دمشق هذه العمليات، معتبرة أنها تعرقل جهود الاستقرار وتشكل انتهاكًا للقانون الدولي واتفاقية فض الاشتباك.

وتأتي هذه التحركات في وقت تتصاعد فيه الضغوط الإقليمية، حيث تسعى إسرائيل من خلال ضغوطها على واشنطن للضغط على دمشق للتوصل إلى تفاهمات جديدة، فيما ترفض سوريا أي مساومة على سيادتها أو على أراضيها المحتلة.

 

تتزامن هذه الأحداث مع تحركات دبلوماسية مهمة، أبرزها زيارة وزير الخارجية السوري الشيباني إلى واشنطن، الأولى منذ 25 عامًا، والتي تهدف إلى إعادة العلاقات الثنائية وتعزيز فرص التفاهم، إضافة إلى استعادة مكانة سوريا على المستوى الدولي ورفع العقوبات الاقتصادية.

كما تستهدف زيارة الرئيس الشرع دعم الجهود الاقتصادية والسياسية، وجذب الاستثمارات، بالتعاون مع الجالية السورية الأميركية، في سياق تعزيز دور سوريا الإقليمي بعد سنوات من النزاعات الداخلية والتدخلات الخارجية.

 

تشير التحليلات إلى أن أي اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل سيكون مرتبطًا بتطورات الحرب في غزة وتأثيراتها على الأمن الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بمناطق الحدود الشمالية والجنوبية لسوريا، وإعادة توزيع القوى بين الدول المجاورة. وتشير المخاطر المستمرة إلى أن التأخير في التوصل إلى تفاهمات أمنية قد يؤدي إلى تصعيد غير متوقع، مع احتمالات زيادة نفوذ الأطراف الإقليمية والدولية في سوريا، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وإيران.

 


تشكل التحركات السورية والإسرائيلية على هامش الأمم المتحدة مؤشرًا واضحًا على أهمية التوصل إلى اتفاق أمني سريع، لضمان استقرار المنطقة ومنع تكرار النزاعات. ومع اقتراب الخطوات الأولى للاتفاق، تبقى التحديات كبيرة، سواء على صعيد احترام السيادة السورية أو على مستوى معالجة الخروقات الإسرائيلية المستمرة. وتبقى الأنظار متجهة إلى واشنطن ونيويورك، حيث تتواصل المفاوضات في إطار محاولات دولية لتحقيق توازن أمني طويل الأمد في المنطقة.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 2