كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تكن مجرد إدانة لإسرائيل، بل محاولة لفرض خطاب بديل عن السردية الغربية، مع إعادة تثبيت موقع تركيا كلاعب لا يمكن تجاهله في ملفات تمتد من غزة إلى أوكرانيا وقبرص والسودان.
رفع الصور من غزة لم يكن مشهداً عاطفياً فحسب، وانما تكتيكاً سياسياً يضع أنقرة في قلب المعادلة الأخلاقية الدولية.
المحاور الرئيسية:
غزة كمنصة للشرعية الأخلاقية:
أردوغان ركز على أرقام الضحايا، الأطفال تحديداً، مستدعياً لغة الضمير العالمي. الهدف لم يكن فقط الدفاع عن الفلسطينيين، بل إعادة تموضع تركيا كقوة تتحدث باسم "المظلومين" في مواجهة الغرب.
الهجوم على إسرائيل واتهامها بتهديد إقليمي شامل:
إدخال قطر وسوريا ولبنان وإيران في دائرة "التهديدات الإسرائيلية" يعكس استراتيجية أردوغان لتوسيع نطاق الأزمة، وتحويلها إلى خطر على أمن المنطقة بأكملها، لا مجرد صراع فلسطيني–إسرائيلي.
الأمم المتحدة والازدواجية الغربية:
أردوغان انتقد صمت المنظمة الدولية وتآكل القيم الغربية، في تكرار لشعاره "العالم أكبر من خمسة"، وهي رسالة تتجاوز غزة إلى إصلاح بنية النظام الدولي التي يرى أنها تعطي الأفضلية للقوى الكبرى.
توسيع الأجندة التركية:
من السودان إلى أوكرانيا مروراً بقبرص وشرق المتوسط، حرص أردوغان على إبراز تركيا كفاعل متعدد الجبهات، مستعد لقيادة مبادرات سلام أو مواجهة عسكرية–دبلوماسية حسب الظرف.
البعد الداخلي والخارجي:
الخطاب يخاطب الداخل التركي عبر تأكيد زعامة تركيا للمظلومين، ويخاطب الخارج عبر تقديم أنقرة كقوة تفاوضية لا غنى عنها.
تصريح أردوغان أمام الجمعية العامة لم يكن مجرد تعبير عن تضامن مع غزة، حمل رسائل عميقة في أكثر من اتجاه: إدانة واضحة لسياسات إسرائيل، انتقاد صريح لخلل النظام الدولي، وتأكيد على مكانة تركيا كقوة محورية في رسم التوازنات. أهمية هذا الخطاب تكمن في أنه يعكس إرادة سياسية لتجاوز المواقف التقليدية والدفع باتجاه تغيير واقعي في مسار الأحداث إذا رافقته خطوات عملية على مستوى التحالفات والتحركات الدبلوماسية، يثبت أردوغان مرة أخرى أنه زعيم يسعى لوضع تركيا في موقع الفاعل لا المتفرج في قضايا المنطقة والعالم.