الأمم المتحدة بين ترامب وماكرون.. الاعتراف بفلسطين يفجّر التباينات الدولية

2025.09.23 - 03:31
Facebook Share
طباعة

دبلوماسية على حافة الأزمات

تنطلق، مساء اليوم الثلاثاء، أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وسط أجواء مشحونة سياسيًا وأمنيًا، حيث يجتمع أكثر من 200 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب مئات الوزراء وآلاف الدبلوماسيين، في لحظة يصفها المراقبون بأنها الأكثر حساسية منذ عقود. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تصاعد الحرب في غزة، وتزايد الضغوط الدولية المرتبطة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، إلى جانب أزمات متراكبة من أوكرانيا إلى شرق آسيا.

 

أولويات الكلمات الرئاسية: بين واشنطن وباريس وأنقرة

من المنتظر أن يتصدّر خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدول أعمال اليوم الأول، في أول ظهور له أمام الجمعية العامة منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع 2025. الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أكدت أن ترامب سيعرض "رؤية بسيطة وبنّاءة للعالم"، لكنه لن يتوانى عن توجيه رسائل حادة بشأن اعتراف بعض الدول بدولة فلسطين، معتبراً هذه الخطوة "مكافأة لحماس" لا تحمل أبعادًا عملية.

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن من على منبر الأمم المتحدة أمس اعتراف بلاده الرسمي بفلسطين، فسيواصل الدفع بمبادرة أوروبية تهدف إلى إعادة صياغة قواعد الضغط على إسرائيل. إلى جانبه، سيطرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مواقف متوقعة تميل إلى الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، في انسجام مع خطاب أنقرة الدائم.

في المقابل، يسعى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو دا سيلفا إلى توظيف حضوره لطرح رؤية الجنوب العالمي بشأن إصلاح النظام الدولي وإعادة التوازن إلى مؤسسات الحوكمة العالمية.

 

البعد الفلسطيني: اعترافات دولية تتحدى الجمود

شهدت الجلسة الافتتاحية إعلان فرنسا وعدة دول أوروبية وأميركية لاتينية الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، وهو تطور تاريخي يضع إسرائيل أمام عزلة دبلوماسية متنامية. هذا الاعتراف، وإن كان رمزيًا في طبيعته، يحمل دلالات سياسية كبرى: فهو محاولة لفرض واقع جديد في المفاوضات المتعثرة، ورسالة ضغط مباشر لوقف العمليات العسكرية في غزة.

لكن الموقف الأميركي، كما أوضح ترامب، يميل إلى التقليل من أهمية هذه الخطوة، معتبرًا إياها مجرد "شعارات سياسية". التباين الحاد بين ضفتي الأطلسي قد يُضعف وحدة الموقف الغربي تجاه الشرق الأوسط، ويعزز مساحات الحركة أمام قوى أخرى كروسيا والصين لاستثمار الانقسام.


الأمن الدولي: نيويورك في حالة استنفار

على المستوى الأمني، فرضت السلطات الأميركية إجراءات استثنائية في نيويورك، شملت تعزيز الحواجز، وانتشار وحدات مكافحة الإرهاب، وإغلاق بعض الشوارع المحيطة بمقر الأمم المتحدة. ويعكس هذا المستوى من الاستنفار المخاوف من استهداف القمة التي تُعقد في وقت بالغ الحساسية عالميًا.


بين الرمزية والتحول الاستراتيجي

رمزية الاعتراف بفلسطين: صحيح أن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين لا يغير من ميزان القوى على الأرض فورًا، لكنه يفتح مسارًا جديدًا في الشرعية الدولية، ويعيد تعريف خطوط التفاوض المستقبلية.

الموقف الأميركي المتشدد: تصريحات ترامب تكشف عن اتجاه أميركي لإعادة فرض شروط صارمة على أي عملية سلام، وربما الدفع باتجاه "صفقة جديدة" تعكس مقاربة إدارته السابقة.

تباين غربي واضح: بينما تتحرك أوروبا نحو تعزيز الضغط الدبلوماسي على إسرائيل، تصر واشنطن على الالتزام بالخطاب الأمني. هذا التناقض قد يفضي إلى إعادة تشكيل التحالفات داخل الأمم المتحدة.

انعكاسات إقليمية: مواقف تركيا والبرازيل ودول الجنوب العالمي ستزيد من زخم الاعترافات، ما قد يضع إسرائيل أمام عزلة سياسية أوسع، ويفتح المجال أمام إعادة ترتيب الأجندة الإقليمية.

 

الأمم المتحدة بين اختبار الشرعية ومأزق الانقسامات

تشكل الدورة الـ80 للجمعية العامة اختبارًا مزدوجًا: اختبار لشرعية الأمم المتحدة في معالجة واحدة من أطول النزاعات في التاريخ الحديث، واختبار لقدرة المجتمع الدولي على تجاوز انقساماته. فبينما تتسع دائرة الاعتراف بفلسطين، تزداد مواقف واشنطن تشددًا، الأمر الذي يضع العالم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام بداية تحول استراتيجي في مسار القضية الفلسطينية، أم مجرد لحظة رمزية ستذوب تحت ضغط الحسابات الكبرى؟


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10