بين تهديد «داعش» وضغوط واشنطن… «قسد» تبحث عن ضمانات

2025.09.23 - 10:01
Facebook Share
طباعة

 في ظلّ تصاعد السجالات السياسية حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، خرجت الأخيرة بمؤتمر صحفي ومسيرات شعبية في شمال وشرق سوريا، لتؤكد على دورها في محاربة تنظيم «داعش» ورفضها أن تتحول إلى ورقة للمساومات الإقليمية والدولية.


ففي مدن الحسكة والقامشلي والرقة والطبقة، نظّمت «الإدارة الذاتية» فعاليات شعبية واسعة شارك فيها آلاف المدنيين، رُفعت خلالها شعارات تدعو للحفاظ على «قسد» باعتبارها قوة ضامنة لأمن المنطقة واستقرارها. وتأتي هذه الفعاليات بعد تصريحات الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الذي اعتبر أن «قسد لا تمثل كل مكونات شمال وشرق سوريا، بما فيهم الأكراد»، في إشارة إلى أن دمشق تفكر في التعامل مع المجلس الوطني الكردي بصفته الممثل الكردي الرئيسي، مراعاةً لموقف أنقرة.


مواجهة «داعش» في صدارة الرسائل
وفي موازاة الحراك الشعبي، عقدت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية مؤتمراً صحفياً في مدينة الحسكة، سلطت فيه الضوء على جهودها الأمنية والعسكرية في مواجهة خلايا «داعش». وأكد الناطق باسم «قسد»، أبجر داود، أن التنظيم لا يزال يحاول إعادة تنظيم صفوفه مستغلاً الفوضى القائمة في مناطق عدة، إلا أن العمليات الأمنية المشتركة بين «قسد» والتحالف الدولي حالت دون عودته إلى الواجهة.


وأوضح داود أن التنظيم نفّذ منذ سقوط النظام السابق نحو 153 هجوماً في شمال وشرق سوريا، فيما نفذت قوات «قسد»، بدعم التحالف، 70 عملية عسكرية نوعية خلال الأشهر العشرة الأخيرة، بينها ثلاث عمليات تمشيط واسعة، أسفرت عن اعتقال 95 عنصراً، بينهم ثلاثة قياديين بارزين. كما جرى القضاء على ستة متشددين خلال هذه العمليات، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.


وشدد داود على أن استمرار المعركة ضد «داعش» يتطلب شراكة دولية حقيقية، ليس فقط في الجانب العسكري، بل في مجالات إعادة الإعمار والتنمية، لتجفيف البيئات التي قد تعيد إنتاج التنظيم.


رسائل موجهة إلى واشنطن
المؤتمر الصحفي جاء أيضاً في سياق الرد غير المباشر على المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس برّاك، الذي صرح مؤخراً بأن واشنطن تعتزم إخلاء قواعدها العسكرية في سوريا، باستثناء قاعدة التنف. مصادر مطلعة كشفت أن برّاك مارس ضغوطاً على قائد «قسد» مظلوم عبدي خلال لقائهما في الأردن، طالباً تنازلات لصالح دمشق وأنقرة من دون ضمانات مقابلة.


وترى «قسد» أن هذه الطروحات تمثل تهديداً مباشراً لها وللإدارة الذاتية، إذ تعتبر نفسها جزءاً أساسياً من منظومة الأمن في سوريا، وركيزة لحماية الأكراد وسائر المكونات من أي هجمات أو «مجازر جماعية» محتملة.


بين الضغوط الإقليمية والرهانات الداخلية
مصادر متابعة اعتبرت أن واشنطن تحاول دفع «قسد» للقبول بتسويات كبرى تشمل اتفاقاً أمنياً بين دمشق وتل أبيب، وهو ما تعتبره «قسد» تهديداً وجودياً. وفي هذا السياق، تؤكد قيادتها أن أي حل سياسي لا بد أن يتضمن ضمانات واضحة لحقوق المكونات المحلية، والحفاظ على خصوصية الإدارة الذاتية، وأنه لا مجال للقبول بحلّ القوات أو تفكيك مؤسساتها من دون مقابل.


وفيما يتمسك المبعوث الأميركي بمواقفه، تشير تقديرات عسكرية إلى أن القادة الميدانيين الأميركيين في شمال سوريا يعارضون الانسحاب الكامل، معتبرين أن استمرار الوجود العسكري ضروري لمنع عودة «داعش». هذا التباين بين الموقفين السياسي والعسكري في واشنطن يعكس حالة من عدم اليقين لدى «قسد»، التي تجد نفسها بين مطرقة الضغوط الأميركية والإقليمية وسندان التهديدات الأمنية.


وبذلك، تسعى «قسد» عبر رسائلها المتكررة إلى تذكير المجتمع الدولي بأن محاربة الإرهاب لم تنته، وأن التخلي عنها قد يفتح الباب مجدداً أمام انتعاش «داعش»، ما يجعلها في نظر أنصارها ضمانة للاستقرار، وفي نظر خصومها عقبة أمام التسويات السياسية المقبلة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 2