في خطوة وُصفت بأنها تحول تاريخي في الموقف الغربي من القضية الفلسطينية، رُفع العلم الفلسطيني للمرة الأولى على مبنى البعثة الفلسطينية في العاصمة البريطانية لندن، بعد أيام من إعلان بريطانيا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. هذا التطور يتزامن مع موجة اعترافات غربية متسارعة، بينما تتحضر بلجيكا للإعلان عن اعترافها هي الأخرى، لتنضم إلى كندا وأستراليا والبرتغال ضمن قائمة الدول التي كسرت الخط الأحمر الإسرائيلي.
تفاصيل المشهد في لندن
المراسم التي جرت في لندن لم تكن مجرد بروتوكول رمزي، بل حملت دلالة سياسية عميقة. السفير الفلسطيني حسام زملط اعتبرها "لحظة تاريخية"، موضحاً أن الاعتراف البريطاني لا يعني فلسطين وحدها، بل يمثل إنهاءً لحقبة طويلة من الإنكار الغربي لظلم تاريخي وقع على الشعب الفلسطيني، وإقراراً بحقه في تقرير مصيره.
الخطوة البريطانية لم تتوقف عند رفع العلم، إذ قامت الحكومة بتحديث خرائطها الإلكترونية، واستبدلت مصطلح "الأراضي الفلسطينية المحتلة" بمسمى "فلسطين"، في إشارة إلى تحول رسمي في الخطاب السياسي والدبلوماسي.
السياق الدولي والتحركات القادمة
بريطانيا تُعد ثالث دولة من مجموعة السبع الكبرى تعترف بفلسطين، بعد كندا وأستراليا، ما يرفع الضغط على بقية العواصم الأوروبية. ومن المتوقع أن يشهد مؤتمر يُعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا، إعلان المزيد من الدول عن مواقف مماثلة، في مقدمتها فرنسا التي تقود هذا التوجه.
ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية
الاعتراف البريطاني أثار غضب تل أبيب، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلهجة حادة: "لن تكون هناك دولة فلسطينية"، مؤكداً أن هذه الخطوة تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل. كما تعهد بخوض معركة دبلوماسية داخل أروقة الأمم المتحدة لعرقلة موجة الاعترافات.
أما الولايات المتحدة، فتبنّت موقفاً أقل حدة لكنه لا يخلو من التحفظ، ووصفت الخطوة بأنها "استعراضية"، مشددة على أن تركيزها ما زال منصباً على "الدبلوماسية الجادة وحماية أمن إسرائيل".
يأتي هذا التحول في لحظة حرجة تشهد فيها المنطقة استمرار الحرب في غزة، وضغوطاً شعبية متنامية داخل أوروبا لمراجعة السياسات الغربية تجاه إسرائيل. رفع العلم الفلسطيني في لندن يُقرأ على أنه بداية تحوّل سياسي قد يعيد تشكيل معادلة الاعتراف الدولي بفلسطين، ويمنح الفلسطينيين زخماً جديداً في معركتهم الدبلوماسية على الساحة العالمية.
بينما يواصل الفلسطينيون معركتهم على الأرض في غزة، تتعزز معركتهم الدبلوماسية في العواصم الغربية. رفع العلم الفلسطيني في لندن لم يكن مجرد مشهد رمزي، بل إشارة إلى أن الاعتراف بفلسطين يتحول تدريجياً من حلم بعيد إلى واقع سياسي يفرض نفسه على الأجندة الدولية، وسط انقسام عميق بين عواصم غربية تدفع باتجاه الحل السياسي، وأخرى لا تزال تتمسك بالموقف الإسرائيلي التقليدي.