دخلت الساحة السورية مرحلة جديدة من التوتر بعد تصريحات حادة أطلقها القيادي الكردي البارز وعضو الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي، آلدار خليل، ضد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك. خليل اتهم المسؤول الأميركي بـ«الافتقار إلى الخبرة وعدم امتلاك رؤية واضحة»، مؤكداً أنّ تصريحاته المتناقضة تزيد الوضع السوري تعقيداً بدلاً من دفعه نحو الحل.
وقال خليل في تصريحات إعلامية: «كل أسبوع نسمع منه مواقف مختلفة. لقاءاتنا معه لا تخرج بأي تصور واضح، وما زلنا نجهل كيف تفكر أميركا في الملف السوري. المطلوب نظام ديمقراطي لا مركزي كما هو معمول به في دول العالم، لكن التدخلات التركية في قرارات دمشق تُعرقل أي مسار جدي للحل».
الشرع يربط شمال شرق سوريا بالأمن القومي التركي
جاء هجوم خليل على برّاك بعد تقرير نشرته صحيفة ملليت التركية، نقلت فيه عن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع قوله إنّ «الوضع الراهن في شمال شرق سوريا يمثّل تهديداً للأمن القومي لكل من تركيا والعراق». وكشف الشرع أنّ أنقرة اقتنعت بتجميد عملية عسكرية ضد «قسد» ومنح فرصة للتفاوض بعد إسقاط الأسد، لكنه حذّر: «إذا لم يتحقق الاندماج حتى كانون الأول المقبل، فإن تحرك تركيا عسكرياً سيكون مطروحاً». الشرع شدّد في الوقت نفسه على أنّ المجتمع السوري «غير مهيأ لمناقشة الأنظمة الفيدرالية»، معتبراً أنّ «المطالب المطروحة مجرد غطاء لمحاولات انفصالية».
اشتباكات متجددة في ريف حلب
بالتزامن مع هذا السجال السياسي والإعلامي، تجدّدت المواجهات بين قسد وقوات وزارة الدفاع السورية في ريف حلب. القصف المتبادل أدى إلى مقتل 7 مدنيين وإصابة آخرين في قرية أم التينة بريف دير حافر شرق حلب، في رابع تصعيد من نوعه خلال أقل من شهر.
وكانت جولة جديدة من المفاوضات لتفعيل اتفاق 10 آذار الموقّع بين الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي قد تعطّلت، بعدما اعترضت دمشق على عقد «كونفراس وحدة المكوّنات» في الحسكة قبل نحو شهرين.
تبادل الاتهامات حول «مجزرة أم التينة»
اتهمت «قسد» فصائل تابعة للحكومة السورية وموالية لتركيا بارتكاب «مجزرة» في أم التينة، مشيرة إلى أنّ الهجوم بدأ عبر طائرات مسيّرة تبعها قصف مدفعي مكثف استهدف منازل المدنيين.
وزارة الدفاع السورية نفت الرواية عبر وكالة «سانا»، مؤكدة أنّ «قسد» هي من قصفت قرى تل ماعز وعلصة والكيارية في ريف حلب الشرقي. وأضافت الوزارة أنّه أثناء القصف، رُصد إطلاق صواريخ من راجمات «قسد» باتجاه قرية أم التينة الواقعة أصلاً تحت سيطرتها، «من دون معرفة الأسباب». لكن «قسد» ردّت ببيان جديد، رأت فيه أن ما صدر عن الوزارة «محاولة للهروب من المسؤولية» و«إنكار يضاعف الجريمة».
تحشيد عسكري وتصعيد متوقع
مصادر ميدانية أكدت أنّ التصعيد أصبح ملحوظاً على مختلف الجبهات، خاصة في ريف حلب، حيث استقدم الطرفان خلال الأسابيع الأخيرة تعزيزات كبيرة شملت أسلحة متوسطة وثقيلة. ووفق المصادر، فإنّ تجميد المفاوضات منذ ثلاثة أشهر دفع نحو ترجيح خيار المواجهة العسكرية.
وأشار المصدر إلى أنّ «تركيا تدفع دمشق باتجاه التصعيد الميداني»، موضحاً أنّ العملية المتوقعة «لن تكون شاملة، لكنها ستأخذ شكل هجمات متزامنة على أكثر من محور لاختبار الجبهات».
في المقابل، رجّح أن تتدخل الولايات المتحدة وفرنسا – بصفتهما راعيتين للمسار – من أجل كبح الانفجار الميداني والعودة إلى اتفاق 10 آذار كإطار تفاوضي رئيسي، لكن التقديرات تبقى مفتوحة على مواجهة واسعة قبل نهاية العام إذا استمر الجمود السياسي.