شهدت أرياف القنيطرة ودرعا جنوبي سوريا خلال الساعات الماضية تصعيداً ميدانياً ملحوظاً من قبل القوات الإسرائيلية، تمثل في سلسلة توغلات برية داخل القرى والمزارع الحدودية، ترافقها عمليات انتشار عسكري وتحليق مكثف للطائرات المسيّرة، في مؤشر على تصعيد غير مسبوق منذ بداية العام الحالي.
وأفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" بأن قوة إسرائيلية اقتحمت صباح السبت قرية الصمدانية الشرقية بريف القنيطرة الجنوبي، عبر خمس سيارات عسكرية، وأقامت حاجزاً لتفتيش المارة، فيما انتشر عدد من الجنود في محيط القرية، وتحلّق الطيران المسيّر بشكل مستمر فوق المنطقة. ويأتي هذا التوغل ضمن سلسلة عمليات متكررة تستهدف القرى الحدودية في المحافظة، التي تشهد منذ سنوات نشاطاً عسكرياً إسرائيلية محدوداً نسبياً، قبل أن يتخذ شكل التوغل المباشر مؤخراً.
وفي ريف درعا الغربي، شهدت قرية معرية في منطقة حوض اليرموك عملية مماثلة ليل الجمعة/السبت، حيث دخلت قوة إسرائيلية وأقامت حاجزاً مؤقتاً على الجهة الشرقية للقرية، وبدأت بتوقيف المارة وتفتيشهم، فيما تحركت وحدات عسكرية باتجاه قريتي كويا وعابدين القريبتين، وهو ما يؤشر إلى نمط واضح للتوغل الإسرائيلي يشمل القرية الرئيسية والمناطق المحيطة بها.
كما رُصد سقوط قذيفة مصدرها القاعدة الإسرائيلية في تل الأحمر الغربي داخل الأراضي السورية، استهدفت الأطراف الغربية من بلدة كودنة بريف القنيطرة الجنوبي، دون أن تسجل أي أضرار بشرية أو مادية، في حين استمر تحليق الطائرات الاستطلاعية على ارتفاعات منخفضة فوق الريف الشمالي للمحافظة، في مؤشر على مراقبة متواصلة للأنشطة الميدانية في المناطق الحدودية.
وتشير المصادر إلى أن التوغلات الإسرائيلية لم تعد مقتصرة على الطرق المؤدية من ثكنة "الجزيرة"، التي يتخذها الاحتلال موقعاً ثابتاً منذ سقوط النظام السابق، بل توسعت لتشمل السهول المحيطة مباشرة من الداخل الإسرائيلي، مستخدمة رتلاً متحركاً من العربات العسكرية لمراقبة الحركة داخل القرى واستهداف المزارعين ورعاة الأغنام، وهو ما يعكس تصعيداً متعمداً لتقويض الاستقرار المحلي وزيادة الضغط الأمني على سكان الجنوب السوري.
وتؤكد المعطيات الميدانية أن جنوب سوريا بات يشهد بشكل شبه يومي تحركات إسرائيلية متكررة، تتخللها عمليات توقيف تطال المدنيين ومزارعين محليين، في وقت يتزايد فيه الاعتماد على الطائرات المسيّرة للحظات مراقبة دقيقة للمناطق الحدودية، ما يثير مخاوف السكان من تصعيد أوسع قد يشمل تبادلاً محدوداً للنيران أو استهداف مواقع استراتيجية سورية.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في وقت تشهد فيه المنطقة تحركات دبلوماسية متسارعة بين دمشق وتل أبيب، وسط تقارير عن محاولات وساطة اقليمية لتثبيت تهدئة طويلة الأمد، في ظل استمرار القلق السوري من توسع الهجمات الجوية والتوغلات البرية على أراضيها، بما يشير إلى احتمالات استمرار حالة التوتر على الحدود الجنوبية للبلاد خلال الفترة المقبلة.