قطاع غزة يعيش حالة انهيار شاملة للبنية الإنسانية بسبب العمليات العسكرية المكثفة، مع ارتفاع حصيلة الوفيات الناتجة عن المجاعة إلى 440 شخصاً. الأطفال يمثلون الفئة الأكثر تضرراً، حيث سجلت الأمم المتحدة 28 ألف حالة سوء تغذية حاد، فيما تتسع أعداد النازحين بشكل غير مسبوق، مع ملايين يعيشون تحت ضغط نقص الغذاء والماء والكهرباء.
العمليات العسكرية الأخيرة أدت إلى أضرار مباشرة في 11 من مرافق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي الملاجئ الأساسية لنحو 11 ألف شخص. هذه الأضرار تأتي وسط نزوح واسع، تجاوز مليون شخص منذ انهيار الهدنة منتصف مارس/آذار الماضي، منهم 200 ألف نزحوا من شمال غزة إلى الجنوب خلال الشهر الماضي، بما في ذلك 56 ألف منذ الأحد الماضي وحده.
رغم جهود الشركاء الإنسانيين، بما في ذلك توزيع 12,500 طن من الطحين والمواد الغذائية، وتقديم 560 ألف وجبة يومياً من خلال 116 مطبخاً، واستمرار معالجة سوء التغذية لدى الأطفال عبر أكثر من 200 ألف حزمة غذائية، تظل هذه الجهود غير كافية في مواجهة حجم الأزمة. النساء الحوامل والمرضعات حصلن على 10 آلاف صندوق بسكويت عالي الطاقة، إلا أن محدودية الواردات وتعقيدات دخول المساعدات أجّلت وصول الدعم الحيوي إلى المحتاجين.
إغلاق معبر زيكيم الشمالي واعتبار بعض المواد الغذائية كسلع "فاخرة" أدى إلى احتجاز الشحنات خارج القطاع وتأخير وصولها، ما يعكس سياسة إسرائيلية تمنع المدنيين من الحصول على ضروريات الحياة الأساسية، في ظل استمرار القصف وتدمير البنية التحتية الحيوية. هذه الظروف دفعت الأمم المتحدة لإعلان حالة مجاعة رسمياً في أغسطس/آب الماضي، محذرة من أن 500 ألف شخص يعيشون وضعاً كارثياً.
المساعدات الإنسانية يمكن أن تحقق تأثيراً محدوداً فقط إذا لم تتوفر طرق آمنة لتوصيلها، مع استعادة الكهرباء والمياه، ورفع القيود البيروقراطية، وزيادة الواردات التجارية. إلى جانب ذلك، إطلاق سراح المحتجزين والرهائن الفلسطينيين يعتبر جزءاً أساسياً من الحل الإنساني، لضمان قدرة الأسر على الوصول إلى مواردهم الأساسية دون معوقات.
الوضع الحالي يوضح أن السكان المدنيين في غزة يتحملون العبء الأكبر من العدوان الإسرائيلي، فيما المجتمع الدولي ما زال عاجزاً عن فرض وقف فعلي لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات. الانهيار المستمر لخطوط الحياة، ونقص الغذاء والمياه والكهرباء، يضع قطاع غزة على حافة كارثة إنسانية شاملة قد تطال الملايين إذا استمرت العمليات العسكرية والسياسات المقيدة لدخول المساعدات.