قرار منع خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد سرندح من دخول المسجد لمدة أسبوع قابل للتجديد يكشف بوضوح سياسة إسرائيل في السيطرة على المقدسات وتكميم الأصوات الحرة.
الاحتلال لا يكتفي بالهيمنة على الأرض والجدران، بل يسعى لإخضاع المنابر وإفراغها من أي خطاب يفضح جرائمه في غزة والقدس.
الإبعاد الجديد حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات التي تستهدف الخطباء، إسرائيل تلاحق كل صوت يربط بين العدوان على غزة ومعاناة المقدسيين، وتعمل على فرض حدود ضيقة للخطاب الديني داخل المسجد، الهدف واضح: إقصاء الخطاب المقاوم وتحويل الأقصى إلى مساحة صامتة خاضعة للإملاءات الأمنية.
المنبر الديني يمثل سلاحاً معنوياً للفلسطينيين، ومصدراً للوعي الجمعي، ومنبراً يجمع بين العقيدة والهوية الوطنية. لهذا السبب تركز إسرائيل حربها عليه، فالكلمة التي تخرج من الأقصى قادرة على تحريك الشارع وربط مصير القدس بمصير غزة.
منع الخطباء يهدد بإضعاف هذا الرابط، ويفتح الطريق لمحاولات عزل القدس عن محيطها الفلسطيني.
لكن التجارب السابقة أثبتت أن إبعاد الخطباء لا يوقف تأثيرهم، بل يضاعف مكانتهم الشعبية ويحولهم إلى رموز للصمود كل محاولة لإسكات الصوت الديني تزيد من صلابته وتجعل حضوره أقوى في الشارع، الاحتلال يستطيع إصدار قرارات إدارية، لكنه لا يستطيع التحكم في وعي الناس ولا في قدرتهم على التمسك بمقدساتهم.
تأثير المنع يظهر في خطورة الفراغ الذي تحاول إسرائيل فرضه على المنبر. خطبة الجمعة تمثل مساحة لربط الأحداث الكبرى بحياة الناس اليومية، وحرمان المقدسيين من هذا الصوت يعني حرمانهم من بوابة التعبير الجماعي ورغم ذلك، يظل الشارع يبحث عن بدائل لمواجهة القمع، سواء عبر التضامن الشعبي أو المبادرات المستقلة داخل الأحياء والبيوت.
تل أبيب تخوض معركة ضد المنبر لأنها تدرك قيمته كجزء من معركة الهوية والسيادة. لكنها تخسر هذه المعركة كلما توسعت في الإبعادات والاعتقالاتزالأقصى ظل عبر تاريخه ساحة للصمود، والخطاب الديني فيه سيظل مصدر قوة مهما حاول الاحتلال مصادرته.