عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على دولة قطر، اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي خطوات عاجلة لتعزيز قدراتها الدفاعية وتنسيق جهودها العسكرية والاستخباراتية. ويأتي هذا التحرك في سياق تعزيز منظومة الردع المشترك وحماية الأمن والاستقرار الإقليمي، بما يعكس التزام دول المجلس بمبدأ أن أمن أي دولة عضو هو مسؤولية جماعية. وتشير التحركات الأخيرة إلى إعادة تأكيد أهمية التكامل الدفاعي الخليجي لمواجهة التهديدات الإقليمية المباشرة وغير المباشرة، وخاصة في ظل تصاعد التوترات في المنطقة.
اجتماع عاجل وزيادة التنسيق الاستخباراتي:
قرر مجلس الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي اليوم الخميس تعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية عبر القيادة العسكرية الموحدة، والعمل على نقل صورة الموقف الجوي لجميع مراكز العمليات في الدول الأعضاء، وتسريع أعمال فريق العمل المشترك لمنظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية.
جاء القرار في اجتماع طارئ بمشاركة وزراء الدفاع في الدول الست أو من ينوب عنهم، تنفيذاً لقرار قادة دول المجلس في قمتهم الاستثنائية بالعاصمة القطرية، التي عقدت على هامش القمة العربية الإسلامية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطر في 9 سبتمبر الجاري.
تحديث الخطط الدفاعية والتمارين المشتركة:
اتفق المجلس على تحديث الخطط الدفاعية المشتركة بالتنسيق بين القيادة العسكرية الموحدة ولجنة العمليات والتدريب، وتنفيذ تمارين مشتركة بين مراكز العمليات الجوية والدفاع الجوي خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن يتبعها تمرين جوي فعلي مشترك.
كما شدد الوزراء على استمرار العمل والتنسيق والتشاور على كافة المستويات العسكرية والاستخباراتية لتعزيز التكامل الدفاعي الخليجي وربط الأنظمة الدفاعية لمواجهة كافة المخاطر والتحديات، بما يضمن أمن واستقرار دول المجلس والتصدي لأي تهديدات محتملة.
إدانة العدوان الإسرائيلي على قطر:
أدان مجلس الدفاع المشترك بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على قطر والانتهاك الصارخ لسيادتها، معتبرًا أن هذا العدوان يمثل تصعيدًا خطيرًا ومخالفة لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
واعتبر المجلس أن أي اعتداء على قطر هو اعتداء على جميع دول المجلس، مؤكداً أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وفق اتفاقية الدفاع المشترك.
اللجنة العسكرية العليا واستعراض التهديدات:
سبق الاجتماع الطارئ لقاء للجنة العسكرية العليا، ضم رؤساء الأركان في دول المجلس، لتركيز النقاش على العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن استشهاد 6 أشخاص من بينهم رجل أمن قطري.
أكدت اللجنة تأييدها الكامل لقطر في جميع الإجراءات التي تتخذها لمواجهة العدوان، وأشارت إلى أهمية استعراض التحديات الأمنية والعسكرية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتعزيز مستقبل السياسة الدفاعية الخليجية وتقوية التنسيق العسكري بين الدول الأعضاء وفق استراتيجية موحدة.
مشاركة وزراء الدفاع:
شارك في الاجتماع الطارئ كل من: نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الدفاع الكويتي عبد الله السالم الصباح، وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي محمد المزروعي، وزير شؤون الدفاع البحريني عبد الله النعيمي، أمين عام وزارة الدفاع العماني محمد الزعابي، ونائب وزير الدفاع السعودي عبد الرحمن بن عياف.
وأكدت القمة الاستثنائية التضامن الكامل مع قطر، مشددة على أن أي اعتداء على أي دولة عضو هو اعتداء على جميع الدول، واستعداد دول المجلس لتسخير كافة الإمكانيات لحماية الأمن والاستقرار وسيادة قطر.
الخلفية التاريخية للقوات المشتركة:
تأسست قوة "درع الجزيرة" عام 1982 كخطوة أولى لإنشاء القوات العسكرية المشتركة لمجلس التعاون، ويقدر عديد أفرادها وضباطها بأكثر من 35 ألفًا. وكانت أول مشاركة لها في حرب تحرير الكويت عام 1991 بناءً على طلب الحكومة الكويتية، وآخر مشاركة كانت في 2011 لتأمين المنشآت الاستراتيجية في البحرين خلال الاحتجاجات الشعبية.
تمثل هذه القوة أحد الأسس لإنشاء منظومة دفاعية مشتركة تهدف إلى حماية دول المجلس والدفاع عن استقلالها ومكتسباتها، وفق اتفاقية الدفاع المشترك التي أقرتها قمة المنامة عام 2000.
رؤية مستقبلية لتعزيز الأمن الخليجي:
تتضمن استراتيجية مجلس التعاون تعزيز التكامل العسكري والأمني بين الدول الأعضاء، وتحقيق ربط متقدم للأنظمة الدفاعية، وتحديث الخطط الاستراتيجية للتصدي للصواريخ الباليستية والتهديدات الإقليمية. كما يركز المجلس على إجراء تقييم دوري للمخاطر والتحديات، لضمان قدرة الدول على الردع المشترك والحفاظ على استقرار المنطقة.