شهدت الساحة السياسية السورية توتراً جديداً بعد التصريحات النارية التي أطلقها القيادي البارز في "الإدارة الذاتية" آلدار خليل، إذ هاجم الحكومة السورية بشدة واعتبرها "غير شرعية"، رابطاً أي إمكانية للتوصل إلى حل سياسي معها بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان المعتقل في جزيرة إمرالي التركية منذ أكثر من عقدين.
هجوم مباشر على شرعية دمشق
خلال تجمع جماهيري في مدينة القامشلي، الأربعاء، تساءل آلدار خليل، وهو عضو المجلس التنفيذي في الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي ويوصف بـ"مهندس الإدارة الذاتية": "الشرع قال إن قسد لا تمثل مكونات شمال شرقي سوريا، ونحن نقول له: من تمثل أنت؟ ومن جاء بك إلى دمشق؟".
وأضاف موجهاً كلامه للحكومة السورية:
"الساحل لا يقبلكم، وأبناء السويداء لا يقبلون بكم، وشمال شرقي سوريا لا يقبلكم، ولا العلويون ولا السنة ولا الدروز ولا الإيزيديون ولا المسيحيون.. أنتم لم تصلوا عبر صناديق الاقتراع، فمن يقبل بكم إذاً؟".
تركيا عقبة مركزية في خطابه
خليل اعتبر أن تركيا تمثل العقبة الأكبر أمام حصول الكرد على حقوقهم في المنطقة، مؤكداً أن أنقرة لا تسمح لدمشق بالانخراط في أي مسار للحل. وربط بشكل واضح بين مستقبل الحوار مع الحكومة السورية وبين "حرية أوجلان" والتسوية الكردية في تركيا نفسها.
تجمع القامشلي: غضب وانسحاب
وكانت لجان "الإدارة الذاتية" قد دعت أهالي القامشلي للمشاركة في تجمع جماهيري تحت شعار "حماية المكتسبات وتحديد المصير". لكن المشاركين فوجئوا بتحويل الخطابات إلى التركيز على المطالبة بحرية أوجلان والهجوم على دمشق وأنقرة.
شيار حسين، أحد الحاضرين، قال "تلقينا دعوات للحضور تحت عنوان الدفاع عن الحقوق الكردية والفيدرالية، لكن المنصة امتلأت بصور أوجلان وأعلام الإدارة الذاتية، والخطابات اقتصرت على مهاجمة الحكومة السورية وتركيا". وأشار حسين إلى أن عدداً كبيراً من الحاضرين انسحبوا احتجاجاً، معتبراً أن "الإدارة الذاتية تستغل المطالب الكردية المحقة وتوظفها في أجندات ضيقة".
إلهام أحمد: بطء حكومي ودستور جديد
من جانبها، انتقدت الرئيسة المشتركة للجنة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" إلهام أحمد، موقف الحكومة السورية، معتبرة أن "المحادثات معها لم تحقق سوى نتائج ضئيلة بسبب المماطلة". وأكدت أن دمشق ما تزال تسعى لفرض سيطرة منفردة، بينما تحتاج سوريا الجديدة إلى "نظام لامركزي" ودستور محدّث يضمن حقوق جميع المكونات.
وأضافت خلال مؤتمر "آفاق سوريا والعراق" الذي استضافته برلين: "بعد سقوط النظام شهدت البلاد أحداثاً مأساوية.. وما نحتاجه فعلاً هو حوار شامل يضم كل المكونات السورية. لكن استمرار تدخل تركيا في الملف يعقد أي تقدّم".
لا ضغوط أميركية.. وحاجة لضامنين
أحمد نفت أن تكون هناك ضغوط أميركية على قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مشددة على أن قرار الدخول في الحوار مع دمشق ينبع من "إرادة ذاتية" تهدف للوصول إلى "شراكة حقيقية" بين جميع السوريين.
كما لفتت إلى ضرورة وجود ضامنين دوليين لأي اتفاق سياسي مقبل، معتبرة أن اجتماع باريس الذي كان مقرراً مع دمشق تعطّل مرتين بسبب اعتراضات الحكومة السورية، وأن مقترحات جديدة طرحت لعقد اللقاء في دول عربية مثل الأردن أو السعودية أو إقليم كردستان العراق.
اتفاق العاشر من آذار: وعود لم تُنفّذ
وفي سياق متصل، عادت إلهام أحمد للحديث عن اتفاق "العاشر من آذار" الموقّع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، مشيرة إلى أن "الإدارة الذاتية" التزمت ببنوده وقدّمت أفكاراً لبناء الثقة، لكنها ما تزال تنتظر خطوات عملية وجداول زمنية واضحة من جانب دمشق.
وأوضحت أن "هناك تقارباً في بعض الأفكار، لكن أي تقدّم يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإشراكاً واسعاً للمجتمع السوري عبر لجنة مختصة تشرف على صياغة التفاهمات".