لماذا يعيد حزب الله صياغة أدواره بين العسكر والسياسة؟
متابعات _ وكالة أنباء آسيا
تشير معطيات متعددة إلى أن حزب الله يمر بمرحلة إعادة صياغة لهيكليته الداخلية وخطابه السياسي، في سياق يبدو أنه أوسع من مجرد تغييرات تنظيمية الحديث لا يقتصر على استبدال بعض الوجوه التقليدية أو تراجع نفوذ شخصيات بعينها، بل يذهب إلى ما هو أبعد: محاولة الحزب التكيّف مع متغيرات لبنانية وإقليمية ودولية ضاغطة.
أبعاد التحول الداخلي:
أولى الإشارات جاءت مع تقليص دور بعض الشخصيات الأمنية البارزة وإفساح المجال أمام وجوه ذات طابع سياسي أو أكاديمي، هذا التوجه يعكس إدراكاً لدى الحزب أن المرحلة الحالية لم تعد تحتمل صورة "الذراع الأمنية المتغلغلة في مفاصل الدولة"، بل تحتاج إلى واجهة سياسية أكثر قدرة على التفاعل مع المؤسسات الرسمية والبيئة الشعبية.
البعد الإقليمي:
التحول أيضاً مرتبط بتعقيدات العلاقة مع الحلفاء الإقليميين فبعد الحوادث الأخيرة في سوريا، بدا أن الحزب يسعى إلى تجنب المواجهة المباشرة مع النظام السوري، مع فتح قنوات تواصل أقل حدة مع عواصم عربية أخرى.
مثل هذا التوجه يمكن فهمه ضمن استراتيجية تهدف إلى خفض مستوى التوتر، والبحث عن شرعية سياسية تتجاوز كونه قوة عسكرية عابرة للحدود.
تأثير الحرب الأخيرة:
الحرب التي خاضها الحزب مؤخراً، وما رافقها من كلفة بشرية وسياسية، دفعت القيادة إلى مراجعة بنيتها الداخلية. الحاجة برزت إلى خطاب مزدوج: داخلي لتعزيز القاعدة الشعبية وضبط البيئة الحاضنة، وخارجي يتوجه برسائل تهدئة وإيجابية تعكس استعداداً للانفتاح والتواصل.
الموازنة بين السلاح والسياسة:
رغم هذه التحولات، يبقى الحزب في جوهره تنظيماً مسلحاً يمتلك قدرات عسكرية معتبرة، ما يجعل أي انتقال كامل نحو السياسة أمراً معقداً. التحدي الحقيقي أمامه هو القدرة على تحقيق توازن بين الذراع العسكرية التي لا يزال يعتبرها جزءاً من "معادلة الردع"، والذراع السياسية التي يريد أن يقدّمها كأداة شرعية للتأثير في الداخل والخارج.
دلالات أوسع:
إذا نجح حزب الله في هذا التموضع، فقد يمنحه ذلك فرصة لتوسيع حضوره السياسي على المستويين المحلي والإقليمي، وربما يفتح الباب أمام ترتيبات جديدة في العلاقة مع الدولة اللبنانية ومحيطها، لكن في المقابل، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يكفي تغيير الخطاب والوجوه القيادية ليقنع الداخل والخارج بجدية التحول، أم أن البنية العسكرية للحزب ستظل عائقاً أمام أي اندماج سياسي كامل؟
