بينما يترقب اللبنانيون خطوات إصلاحية تخرج البلاد من أزمتها المالية العميقة، جاءت مناقشات مشروع موازنة 2026 لتكشف استمرار النهج التقليدي نفسه: أرقام للإيرادات والنفقات، لكن بلا رؤية تنموية أو استراتيجية شاملة تعالج أزمات الدين العام والانكماش الاقتصادي.
إيرادات بلا ابتكار:
قدرت الحكومة الإيرادات بـ505.7 تريليون ليرة لبنانية، بزيادة 13.6% مقارنة بعام 2025 هذه الزيادة تعود بمعظمها إلى الإيرادات الضريبية التي بلغت 416.1 تريليون ليرة (بزيادة 15.1%).
إلا أن خبراء، يرون أن الموازنة تجاهلت مصادر تمويل مستدامة مثل الضرائب على الأملاك البحرية أو على أصحاب المولدات، ما يوضح غياب أي خطة لرفد الخزينة بمداخيل جديدة قابلة للاستمرار.
نفقات تشغيلية تفوق الاستثمارية:
على مستوى النفقات، بقيت الهيمنة للإنفاق التشغيلي بنسبة 88.9% مقابل 11.1% فقط للاستثمار، الجزء الأكبر يذهب إلى الرواتب والأجور (111.5 تريليون ليرة) والتحويلات (63 تريليون) والدعم المباشر للمؤسسات والقطاعات.
ورغم أن نسبة النفقات التشغيلية تراجعت مقارنة بالموازنات السابقة (من 94% إلى 88.9%)، إلا أن غياب وفورات أو تقشف واضح يضع علامات استفهام حول جدية الإصلاح.
غياب الشفافية وقطع الحساب:
المشكلة الأبرز التي تكررت في موازنة 2026 هي غياب "قطع الحساب"، ما يحول دون تقييم دقيق لكيفية صرف الأموال. الخبراء يحذرون من استمرار هذا الخلل يجعل أي حديث عن شفافية مالية مجرد شعارات.
تجاهل الدين العام والالتزامات الخارجية:
لم تتطرق الموازنة إلى ملف الدين العام وإعادة هيكلته، وهو التحدي الأكبر أمام المالية اللبنانية، كما تجاهلت مستحقات العراق على الدولة اللبنانية لقاء الفيول، والتي تقدر بنحو ملياري دولار، ما يكشف عن ثغرات في معالجة الالتزامات الخارجية.
إدارة أزمة لا حلول:
خلاصة ما توصل إليه الاقتصاديون أن موازنة 2026 تمثل استمراراً لنهج يقوم على "إدارة الأزمة" أكثر من السعي إلى حلها.
فهي تُبقي الدولة في دائرة تسيير الأعمال اليومية، من دون إصلاحات جوهرية قادرة على إعادة الثقة بالمالية العامة أو جذب استثمارات جديدة.