تتهيأ بيروت لاستقبال وفد صندوق النقد الدولي في 22 الجاري، وسط ترقب سياسي ومالي كبير، فالمحادثات المرتقبة ليست مجرد جولة تقنية، بل محطة مفصلية تحدد قدرة لبنان على الانتقال من مرحلة الانهيار إلى بداية مسار إصلاحي جاد.
منذ 2019، والبلاد تعيش أزمة غير مسبوقة، حيث فقدت الليرة معظم قيمتها، وتراجع القطاع المصرفي، وتعطلت مؤسسات الدولة.
ومع انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام، عادت المحاولة لإحياء التفاوض مع الصندوق على قاعدة إصلاحات أساسية، أبرز ما أنجزته الحكومة حتى الآن يتمثل في تعيين الهيئتين الناظمتين للكهرباء والاتصالات، إلى جانب تعديل قانون السرية المصرفية والشروع في إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
الأهمية الحقيقية لهذه الجولة تكمن في ارتباطها المباشر بملف إعادة الإعمار بعد الدمار الذي خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، إذ أصبح الاتفاق مع صندوق النقد بمثابة بوابة إلزامية لفتح قنوات التمويل الخارجي.
السيناريوهات المستقبلية:
1. نجاح التفاوض وتوقيع اتفاق أولي يتيح للبنان الحصول على دفعة تمويل بقيمة أربعة مليارات دولار، ما يفتح الباب أمام مساعدات إضافية من شركاء دوليين وإقليميين، ويعزز الاستقرار النقدي، ويمكّن الحكومة من إطلاق خطة إعمار شاملة.
2. استمرار الخلافات حول ملفات شائكة مثل إعادة هيكلة المصارف وتوزيع الخسائر المالية، ما يؤخر وصول التمويل الخارجي ويضاعف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على اللبنانيين.
3. فشل المفاوضات بسبب عجز الحكومة عن تمرير الإصلاحات المطلوبة أو تصاعد التجاذبات الداخلية، ما يعني عزلة مالية أعمق، وتراجع فرص الإعمار، وارتفاع مستوى التوتر السياسي والاجتماعي في الداخل.
زيارة وفد صندوق النقد لا تنفصل عن مسار سياسي واقتصادي أوسع؛ فهي اختبار لجدية الدولة في تنفيذ الإصلاحات، وفي الوقت نفسه بوابة محتملة للانفتاح المالي الدولي.
نتائج المفاوضات ستحدد ما إذا كان لبنان قادراً على قلب صفحة الانهيار والانطلاق نحو التعافي، أم أنه سيبقى رهينة التأجيل والخيبات المتكررة.