الهجوم الإسرائيلي على قطر لم يكن مجرد انتهاك سيادي، بل كشف عن مستوى جديد من التصعيد يهدد الأمن الإقليمي بأسره ويعيد تعريف موازين القوة في العالم العربي والإسلامي.
القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة جمعت الأطراف المعنية لتقييم هذا العدوان في سياق استمرارية الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وربطها بالفراغ الدولي الذي سمح باستمرار الإجرام دون عقاب.
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أبرز هذه النقطة، موضحاً أن الصمت الدولي منح الاحتلال إحساساً بالإفلات من العقاب، مما أدى إلى توسيع نطاق العدوان ليشمل استهداف الوسطاء والمفاوضين، بما في ذلك قطر، في خطوة تستهدف الهيمنة على مجريات الأحداث الإقليمية.
في هذا السياق، مقترح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإنشاء آلية عربية إسلامية للتعاون الأمني ليس مجرد اقتراح شكلي، وانما يعكس تحولاً في التفكير الاستراتيجي العربي نحو بناء قدرة جماعية على الردع والتصدي للتحديات الأمنية، بعيداً عن الاعتماد على القرارات الدولية الرمزية. السيسي ربط بين استقرار المنطقة وحقوق الفلسطينيين، مشيراً إلى أن استمرار السياسات الإسرائيلية يهدد فرص السلام ويضع عراقيل أمام أي جهود تاريخية لإرساء حل عادل، ما يوضح أن القاهرة تنظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها مفتاحاً للاستقرار الإقليمي وليس قضية محلية فقط.
الموقف الأردني واللبناني والفلسطيني أكد أن أي اعتداء على دولة عربية يشكل تهديداً للأمن الجماعي، وليس مجرد مساس بسيادة قطر.
الملك عبد الله الثاني دعا إلى مراجعة أدوات العمل المشترك وإطلاق قرارات عملية لحماية غزة والشعب الفلسطيني، بينما رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني رأى أن الوحدة العربية والإسلامية ضرورة لتفادي استمرار الانتهاكات التي تقوض الحلول السلمية، الرئيس السوري أحمد الشرع ركز على الدرس التاريخي للوحدة مقابل التفرّق، معتبراً أن استهداف الوسطاء يعد انعكاساً لانزلاق إسرائيل نحو مستويات غير مسبوقة من الهمجية، فيما شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون على أهمية موقف عربي موحد على مستوى الأمم المتحدة لإظهار قوة الصف العربي والإسلامي أمام العدوان.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس وضع العلاقة بين الاستقرار الإقليمي وحماية حقوق الفلسطينيين في قلب التحليل، معتبراً أن "مفتاح الأمن يكمن في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة"، في حين دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الضغط الدولي والاقتصادي على إسرائيل لمواجهة هذا التصعيد، وأوضح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن أي دولة ليست بمنأى عن العدوان الإسرائيلي، مما يعكس ضرورة وحدة الصف العربي والإسلامي لمواجهة أي تحديات مستقبلية.
القراءة التحليلية لهذه القمة تكشف عن تحول مهم في الاستراتيجية العربية والإسلامية: لم يعد الانقسام أو البيانات الرمزية كافيين، بل هناك سعي لتوحيد الجهود العملية من خلال آليات تعاون مشتركة، ضغوط دولية، وحماية الشعب الفلسطيني والقدس، لتشكيل رادع حقيقي أمام استمرار سياسات إسرائيل في التوسع والتهجير والاعتداء على سيادة الدول العربية.