تعيش العلاقات المصرية–الإسرائيلية واحدة من أدق مراحلها منذ توقيع اتفاقية السلام قبل أكثر من أربعة عقود، إذ كشفت تقارير عبرية عن تدهور غير مسبوق في الاتصالات بين الجانبين على خلفية الحرب المستمرة في غزة، وسط تحركات مصرية لتشكيل قوة عربية مشتركة قوامها عشرات الآلاف من المقاتلين. خطوةٌ وصفها مراقبون بأنها تمثل تحوّلًا استراتيجيًا في الموقف المصري، وتعيد رسم موازين القوى الإقليمية في الشرق الأوسط.
انقطاع التنسيق الدبلوماسي والأمني
أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأن القاهرة قلصت اتصالاتها الدبلوماسية مع تل أبيب إلى أدنى مستوى منذ بدء الحرب.
التنسيق الأمني، الذي ظلّ ركيزة أساسية في العلاقة بين الجانبين، انقطع مؤخرًا "حتى إشعار آخر".
هذه التطورات تعكس فقدان الثقة وتنامي الهوة السياسية بين الطرفين، خاصة بعد التصعيد الإسرائيلي في غزة وتداعياته على الأمن القومي المصري.
القوة العربية المشتركة.. تفاصيل المقترح المصري
وفق تقرير لموقع bhol العبري، تسعى القاهرة لتأسيس قوة عربية مشتركة لحماية الدول العربية من التهديدات الخارجية.
المقترح المصري يتضمن إرسال 20 ألف مقاتل من الجيش المصري للمشاركة في هذه القوة، مع تطوير قدراتها عبر أحدث الأسلحة والتجهيزات.
مصر تطرح نفسها كقائدة لهذه القوة، على أن تُمنح أدوار ثانوية للسعودية أو بعض دول الخليج، لضمان توازن سياسي وعسكري داخلها.
مصدر مصري مطلع أكد لهيئة البث الإسرائيلية أن القاهرة تراهن على الدعم العربي والإسلامي لتفعيل هذا المشروع، الذي يعود طرحه إلى نحو تسع سنوات.
عقبات التنفيذ وتوازنات الإقليم
أبرز العقبات: توقيت التدخل وآلية تشغيل القوة.
القاهرة تعمل على صياغة مقترحات لهيكلية واضحة تحافظ على التوازنات بين الدول العربية، بحيث تكون القوة أداة دفاعية وليست مدخلًا لمواجهة مباشرة مع إسرائيل.
الدبلوماسيون المشاركون في المشاورات شددوا على ضرورة تجنّب تصوير القوة كـ"إعلان حرب عربي" على إسرائيل.
البعد الدولي والإقليمي
مصر تواصل التنسيق مع السعودية وفرنسا لزيادة الضغط الدبلوماسي على إسرائيل، في موازاة جهودها العسكرية.
إيران دخلت على الخط، إذ دعا الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، إلى تشكيل قوة إسلامية لمواجهة ما وصفه بـ"جنون الكيان الصهيوني".
هذه التفاعلات تجعل من المبادرة المصرية نقطة تقاطع بين المصالح العربية والإسلامية، في مقابل التحالفات الغربية الداعمة لتل أبيب.
الموقف الإسرائيلي الداخلي
داخل إسرائيل، قوبل الطرح المصري بانتقادات لاذعة.
زعيم المعارضة يائير لابيد اعتبر المقترح "ضربة قاسية لاتفاقيات السلام" مع القاهرة، مشيرًا إلى أنه جاء بعد سلسلة من الانتكاسات الدبلوماسية لإسرائيل، أبرزها انهيار اتفاقيات إبراهيم وتصويت غالبية الدول لصالح إقامة دولة فلسطينية.
التقارير العبرية الأخيرة تبرز تحوّلًا جذريًا في دور مصر الإقليمي، من وسيط تقليدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى لاعب يسعى لتشكيل قوة عسكرية عربية موحدة. ورغم العقبات السياسية واللوجستية، فإن مجرد طرح الفكرة على طاولة قمة الدوحة الطارئة يعكس أن القاهرة لم تعد ترى في التنسيق مع تل أبيب خيارًا استراتيجيًا، بل باتت تميل إلى خيارات جماعية عربية وإسلامية قد تغيّر قواعد اللعبة في المنطقة.