كشف وزير الداخلية والبلديات اللبناني أحمد الحجار، عن سلسلة عمليات أمنية نوعية نفذتها شعبة المعلومات بالتعاون مع الأجهزة المختصة، أسفرت عن توقيف عملاء لإسرائيل، وأشخاص مرتبطين بالإرهاب، إضافة إلى تفكيك شبكة تهريب مخدرات ذات بعد دولي، الإعلان جاء في مؤتمر صحافي عقب اجتماع أمني عقد في مقر شعبة المعلومات ببيروت، حيث عرض الوزير تفاصيل العمليات التي تضع لبنان أمام تحولات أمنية لها أبعاد استراتيجية تتجاوز البعد المحلي.
الحجار أوضح أن شعبة المعلومات نفذت عمليات استباقية خلال الأسابيع الأخيرة، أدت إلى توقيف أشخاص ومجموعات مرتبطة بملف الإرهاب، إلى جانب عملاء للعدو الإسرائيلي بعضهم تورط خلال الحرب الأخيرة.
وأكد أن "لا مجال لعملاء الداخل، وكل من يخالف القانون سيكون عرضة للملاحقة أمام القضاء المختص"، مشيراً إلى التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية، بما فيها مخابرات الجيش اللبناني والأمن العام، في مواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار.
أما على صعيد الجريمة المنظمة، فأعلن الوزير تفكيك شبكة تهريب مخدرات عابرة للحدود، لها امتدادات في تركيا وأستراليا والأردن، الشبكة كانت تحضر لتهريب شحنة ضخمة إلى السعودية، حيث ضبطت القوى الأمنية ستة ملايين وخمسمئة ألف حبة كبتاغون، إضافة إلى 720 كيلوغراماً من الحشيشة، قبل وصولها إلى مرفأ بيروت. ايضاً توقيف رئيس الشبكة وعدد من المتورطين، في إطار تنسيق وثيق مع الأجهزة الأمنية في الدول المعنية.
هذا التطور يعكس إدراك الدولة اللبنانية لحجم التحديات المرتبطة بملفي الإرهاب والمخدرات، باعتبارهما تهديدين مزدوجين للأمن الداخلي والعلاقات الإقليمية، مكافحة الجريمة لا تعرف هوية أو طائفة، وأن الجهود الأمنية تحظى بدعم سياسي وقضائي كامل، بما يضمن استمرارية العمل دون غطاء لأي جهة.
اللافت في تصريحات الحجار إشارته إلى أن جزءاً من تجارة المخدرات قد يكون متبقياً من مرحلة ما بعد تغيّر النظام في سوريا، وهو ما يضع لبنان في خط المواجهة مع شبكات إقليمية تحاول تصريف ما تبقى من المخزون عبر أراضيه.
هذا الربط يعكس وعياً رسمياً بخطورة التشابكات بين مسارات الحرب في المنطقة وملف التهريب، ما يستدعي جهداً متصاعداً على المستويين الأمني والدبلوماسي.
إن ما جرى الإعلان عنه لا يمكن قراءته كحدث أمني عابر، بل كرسالة سياسية وأمنية في آن واحد.
فمن جهة، يظهر قدرة المؤسسات اللبنانية على تنفيذ عمليات معقدة بهدوء وفعالية، ومن جهة أخرى يوجه رسالة اطمئنان للشركاء الإقليميين، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، بأن لبنان يسعى لحماية أمنه ومنع استغلال أراضيه كنقطة انطلاق لتهديد الأمن الخليجي.
بهذا السياق، يكتسب الإعلان بعداً استراتيجياً يتجاوز الحدود اللبنانية، ليؤكد أن أمن لبنان لم يعد شأناً داخلياً محضاً، بل جزءاً من معادلة إقليمية أوسع، حيث تتقاطع ملفات الإرهاب والمخدرات مع السياسة والأمن والاستقرار في المنطقة.