القدس تُستباح أمام أعين العالم العربي.. أنفاق الاحتلال تفضح الدبلوماسية الفارغة

أماني إبراهيم- وكالة أنباء آسيا

2025.09.15 - 11:32
Facebook Share
طباعة

بين خطابات الدوحة الفارغة ونفق الاحتلال تحت أقدام القدس.. المدينة المقدسة تُهوَّد أمام العالم بلا خجل. خطوة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي شهدت افتتاح نفق استيطاني يمتد تحت البلدة القديمة وصولًا إلى أساسات حائط البراق، ليست زيارة عابرة أو بروتوكولية، بل إعلان صريح عن تحالف سياسي وديني عميق، يكرّس سيطرة الاحتلال على قلب القدس ويحوّل الأماكن المقدسة إلى أدوات في مشروع تهويد ممنهج.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الحرب على غزة وتتعالى أصوات النزوح والمعاناة الإنسانية، يُظهر المشهد الدولي الجديد كيف أن الأرض والذاكرة التاريخية للقدس تُستباح أمام أعين العالم العربي، وسط صمت رسمي وخطابات ديبلوماسية شبه فارغة تُطلق من الدوحة. الأنفاق لم تعد مجرد أعمال أثرية، بل أصبحت رموزًا استيطانية واستراتيجية، تهدف إلى تحويل المدينة إلى ساحة مفتوحة للصراع على الهوية والسيادة، وتأكيد وجود إسرائيل على كل زاوية في قلب القدس.

اليوم، يفرض السؤال نفسه بلا مواربة: هل سيكون هناك رد فعل عربي وإسلامي حقيقي يوقف مسلسل التهويد الممنهج، أم أن المدينة ستصبح مسرحًا دائمًا للسيطرة والاقتلاع، بينما يتحول الصمت والخطابات الرسمية إلى مؤشرات على استسلام عربي قبل أي تدخل ميداني؟


النفق التهويدي في القدس: معركة تحت الأرض على هوية المدينة

النفق التهويدي في قلب سلوان

يمتد النفق بطول يقارب 600 متر من الأطراف الجنوبية لحي سلوان (وادي حلوة) وصولًا إلى حائط البراق، وهو أحد أكثر المشاريع الاستيطانية إثارة للجدل في القدس. المشروع تشرف عليه جمعيات استيطانية مثل إلعاد وعطيرت كوهانيم، بدعم مباشر من حكومة الاحتلال وبلدية القدس، ويُروَّج له على أنه مشروع سياحي–أثري بينما يحمل في جوهره أبعادًا سياسية ودينية خطيرة.

تغيير هوية القدس تحت الأرض: شبكة أنفاق لإعادة صياغة التاريخ

النفق الاستيطاني لا يُعتبر مجرد ممر أثري أو مشروع سياحي، بل هو جزء من شبكة أنفاق متصلة تخدم أهدافًا استراتيجية وسياسية. تهدف هذه الشبكة إلى ربط ما تسميه إسرائيل بـ"مدينة داوود" بالمناطق المحيطة بالمسجد الأقصى وحائط البراق، ما يعكس رغبة واضحة في فرض سيطرة متكاملة على قلب القدس القديمة.

الربط بين هذه المواقع ليس عشوائيًا، بل يحمل رسالة دينية وسياسية مزدوجة، إذ يسعى إلى فرض رواية توراتية تزعم وجود جذور تاريخية لليهود في المنطقة، بما يقلل من الحضور الفلسطيني ويضعف الرواية العربية والإسلامية للمدينة. هذه الخطوة تعكس استخدام الحفريات كأداة منهجية لإعادة صياغة التاريخ والهوية الثقافية للقدس، وتحويل المواقع التاريخية إلى أوراق قوة ضمن معادلة السيطرة على المدينة.

علاوة على ذلك، تؤدي هذه الأنفاق إلى تغيير المشهد الحضري والديموغرافي في المنطقة المحيطة، حيث تصبح السيطرة على الأرض والمواقع التاريخية مترابطة مع السيطرة على السكان. وبذلك تتحول الحفريات إلى وسيلة لترسيخ التهويد بطريقة مستمرة ومنهجية، تجعل من القدس القديمة مساحة متنازع عليها بين الرواية التاريخية والسيطرة الواقعية، وليس مجرد موقع أثري يمكن النظر إليه بمعزل عن الصراع السياسي القائم.

أخطار مباشرة على سكان سلوان: بين التهجير القسري والواقع الميداني

الحفريات الجارية في حي سلوان، خصوصًا في منطقة وادي حلوة، لم تقتصر على كونها نشاطًا أثريًا أو سياحيًا، بل خلفت آثارًا ميدانية خطيرة على حياة السكان الفلسطينيين. تشققات الأرض وانهيارات الجدران في المنازل المجاورة لمسار النفق جعلت عشرات العائلات تعيش في حالة تهديد دائم، حيث تزداد المخاطر اليومية على سلامتهم وممتلكاتهم.

هذه المشاريع تُظهر أن الحفريات ليست مجرد بحث عن آثار تاريخية، بل جزء من سياسة ممنهجة لتغيير الواقع السكاني، وخلق بيئة غير آمنة تجبر السكان على النزوح القسري من منازلهم. تحت غطاء السياحة والترويج الأثري، يتم تنفيذ خطوات تهدف إلى تقليل الوجود الفلسطيني في محيط المسجد الأقصى، وبالتالي تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المدينة القديمة.

إضافة إلى الأضرار المباشرة للمنازل، تؤثر هذه الحفريات على الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء، نتيجة الانهيارات الأرضية والشقوق في البنية التحتية، ما يزيد من معاناة السكان ويجعل الحياة اليومية صعبة ومهددة. هذه الوقائع تثبت أن النفق ليس مجرد ممر تاريخي، بل أداة ديموغرافية وسياسية، هدفها إعادة تشكيل المشهد البشري والجغرافي للقدس لصالح المخطط الاستيطاني الإسرائيلي.

النفق كأداة استراتيجيّة

زيارة المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين للنفق الاستيطاني تحت الأقصى لا تقتصر على الطابع الرمزي أو البروتوكولي، بل تكشف عن توظيف المشاريع الأثرية لخدمة أجندات سياسية وإستراتيجية. فالنفق يُستخدم كأداة ملموسة لفرض الوقائع على الأرض، وتأكيد السيطرة الإسرائيلية على القدس القديمة والمواقع الدينية الحساسة، بينما تمنح واشنطن هذه المشاريع غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا ضمنيًا، مما يقلل من أي تأثير للانتقادات الدولية أو الضغوط العربية والإسلامية.

إسرائيل من جانبها تراقب عن كثب المواقف العربية والإسلامية، خاصة مع انعقاد القمم الطارئة في الدوحة، التي وضعت ملف القدس ضمن أولوياتها. هذه القمم تمثل اختبارًا لقدرة الدول العربية والإسلامية على التأثير على السياسات الإسرائيلية، ولكن في الوقت نفسه، وجود دعم أمريكي مباشر يجعل من أي ضغط خارجي أمرًا محدود التأثير على الأرض.

وبالتالي، يتحول النفق من مجرد ممر أو أثر تاريخي إلى أداة دبلوماسية واستراتيجية، تلعب دورًا مزدوجًا: أولًا، في تعزيز الرواية الإسرائيلية للقدس، وثانيًا، في إرسال رسائل واضحة إلى المنطقة والعالم حول ثبات الدعم الأمريكي لإسرائيل. هذا الاستخدام الاستراتيجي للأنفاق الاستيطانية يضع المشروع في قلب الصراع الإقليمي والدولي، ويجعل من القدس نقطة اشتعال مستمرة بين السياسة، الدين، والتاريخ.

معركة هوية وسيادة: النفق بين السياسة والتاريخ

النفق الاستيطاني تحت الأقصى لا يُعد مجرد مشروع أثري أو سياحي كما تدّعي إسرائيل، بل يُنظر إليه كأداة استراتيجية في صراع طويل على هوية القدس ومستقبلها. فبينما تسعى تل أبيب إلى فرض سردية توراتية تربط وجودها بالمدينة، تُستخدم هذه المشاريع لإعادة رسم الواقع الديموغرافي والثقافي للقدس، ومحاولة محو الوجود العربي والإسلامي العريق الذي استمر لقرون.

تكمن خطورة المشروع في أنه يمزج بين الأثر والسياسة والدين، ما يجعل المواقع التاريخية ليس فقط جزءًا من التراث، بل أدوات للمساومة والضغط السياسي والديمغرافي. الحفريات المستمرة والانتهاكات في حي سلوان وأحياء القدس القديمة تخلق وقائع جديدة على الأرض، وتضع الفلسطينيين أمام خيارات محدودة للبقاء أو النزوح، بينما يسعى الاحتلال إلى ترسيخ هذه الوقائع دون معارضة فعلية.

على المستوى الدولي، يصبح النفق شاهدًا على تداخل السياسة بالدين والتاريخ، إذ يمكن أن يُستخدم كأداة دبلوماسية لإقناع المجتمع الدولي بشرعية المشاريع الاستيطانية. وفي الوقت نفسه، تركز الأنظار على القمم العربية والإسلامية الطارئة، التي يُتوقع أن تبحث عن ردود عملية للسياسات الإسرائيلية في القدس وغزة، لتظل المدينة محور صراع متعدد الأبعاد: سياسي، ديمغرافي، ديني، وثقافي.

وبذلك، يتضح أن معركة القدس لا تُخاض فقط على السطح، بل تمتد إلى الأعماق تحت الأرض، حيث تتقاطع الحجارة مع السياسة، والآثار مع الصراع على السيادة، لتصبح كل خطوة في هذه الأنفاق جزءًا من لعبة تغيير الوقائع التاريخية والجغرافية والسياسية للمدينة.

الأنفاق كأداة تهويد منذ التسعينات

فكرة شق الأنفاق أسفل البلدة القديمة ليست جديدة، إذ بدأت إسرائيل تكثيف الحفريات منذ تسعينيات القرن الماضي، خاصة بعد افتتاح نفق بطول 488 مترًا عام 1996 بمحاذاة المسجد الأقصى، ما أدى حينها إلى اندلاع مواجهات دامية عُرفت بـ"هبة النفق" وسقط فيها عشرات الشهداء الفلسطينيين. ومنذ ذلك الحين، تحولت الأنفاق إلى أداة استراتيجية ضمن مشروع "القدس الموحدة" الذي تسعى إسرائيل لتثبيته على الأرض.

هذه الأنفاق تُستخدم لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

1. تغيير المعالم التاريخية للبلدة القديمة وربطها بما يسمى "المدينة التوراتية".

2. إضعاف الوجود الفلسطيني عبر خلق بيئة غير آمنة تؤدي إلى التهجير القسري.

3. منح الشرعية الدينية والسياسية لسيادة الاحتلال على القدس من خلال استقطاب مسؤولين أجانب لافتتاح هذه المشاريع.

واشنطن تشرعن التهويد في قلب المدينة

قيام وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمرافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جولة داخل النفق وأداء طقوس دينية عند الحائط الغربي يُعد رسالة سياسية ودبلوماسية قوية، تتجاوز كونها زيارة بروتوكولية أو نشاطًا سياحيًا. فالحدث يُظهر أن واشنطن لم تعد تكتفي بدور الوسيط أو المراقب المحايد، بل تدخل بشكل مباشر في دعم المشاريع الاستيطانية والتهويدية في القدس، بما يضفي عليها شرعية ضمنية على المستويين السياسي والديني.

الرمزية تكمن أيضًا في أن زيارة مسؤول أمريكي بهذا المستوى إلى نفق استيطاني محاط بالتوترات الفلسطينية تحمل رسالة مزدوجة: أولًا، تأكيد وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في تثبيت السيطرة على المواقع التاريخية والدينية للمدينة، وثانيًا، إرسال إشارة ضمنية إلى المجتمع الدولي والعالم العربي بأن مشاريع التهويد مستمرة رغم الانتقادات والضغوط.

كما تعكس الزيارة تحالفًا استراتيجيًا بين إدارة أمريكية وحكومة إسرائيلية، يربط الدعم السياسي بالدعم الرمزي والديني، ويعطي إسرائيل القدرة على فرض واقع جديد على الأرض دون الخوف من معارضة مباشرة من واشنطن. بالتالي، تتحول زيارة روبيو من مجرد نشاط دبلوماسي إلى أداة لتكريس المشروع الاستيطاني، ووسيلة لإضفاء غطاء دولي على خطوات إسرائيل في تهويد القدس، ما يجعلها جزءًا من صراع أوسع على الهوية والسيادة في المدينة المقدسة.

توقيت حساس: بين غزة والدوحة

تأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى القدس بعد أيام قليلة من الهجوم الإسرائيلي الفاشل في الدوحة الذي استهدف قيادات من حركة حماس، وفي ظل استمرار حرب شرسة على قطاع غزة خلفت دمارًا واسعًا ونزوح آلاف المدنيين. هذا التوقيت يجعل الزيارة جزءًا من مشهد إقليمي معقد ومتشابك، حيث تتقاطع الأحداث الميدانية مع التحركات الدبلوماسية.

الزيارة تحمل أكثر من دلالة:

تكريس الهيمنة الإسرائيلية في القدس: الوجود الأميركي إلى جانب المسؤولين الإسرائيليين يضفي غطاءً دبلوماسيًا على مشاريع التهويد والأنفاق الاستيطانية.

استمرار العمليات العسكرية في غزة: الضغط الدولي الجزئي لا يوقف الحرب، بل يعكس رغبة إسرائيل في تثبيت واقع ميداني جديد يصعب التراجع عنه، مدعومًا بالغطاء الأمريكي.

ضغوط سياسية على قطر والدول الإقليمية الأخرى: الزيارة تشكل رسالة ضمنية بأن واشنطن تقف بثبات إلى جانب إسرائيل، وأن أي مساعٍ عربية أو إقليمية للضغط على تل أبيب قد تواجه صعوبات كبيرة.

بهذا الشكل، يظهر التزامن بين الأحداث العسكرية والدبلوماسية كخطة إسرائيلية-أمريكية مزدوجة المسار: تهويد القدس وتعميق الحرب على غزة، ما يخلق واقعًا استراتيجيًا جديدًا على الأرض، يصعب إلغاؤه أو التراجع عنه في المستقبل القريب.

الموقف الأمريكي – الإسرائيلي

تصريحات المسؤولين الأميركيين ركزت على أن الزيارة تأتي ضمن جهود بحث ملف غزة والأسرى، لكن حضور وزير الخارجية في افتتاح مشروع استيطاني يضرب عمق الوضع القانوني للقدس يوضح أن الدعم الأمريكي يتجاوز حدود الدبلوماسية إلى الاصطفاف الكامل مع إسرائيل. أما نتنياهو فقد أكد على هامش الزيارة أن العلاقات مع الولايات المتحدة "لم تكن أقوى مما هي عليه الآن"، وهو ما يعكس اعتماد حكومته بشكل كامل على الغطاء السياسي والعسكري الذي توفره واشنطن.

الأبعاد الاستراتيجية للزيارة

زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للنفق الاستيطاني تحت الأقصى تحمل أكثر من مجرد رمزية، فهي تشير إلى اتجاهات استراتيجية وسياسية واضحة تؤثر على مستقبل القدس والمنطقة بأكملها.

1. شرعنة التهويد
المشاركة الأميركية تمنح المشاريع الاستيطانية في القدس غطاءً دوليًا ضمنيًا، ما يحول الأنفاق والمباني الاستيطانية من أعمال محلية مثيرة للجدل إلى مشاريع تبدو قانونية أو مقبولة على المستوى الدولي. هذا الغطاء يقلل من أثر أي انتقادات أو ضغوط محتملة، ويزيد من قدرة إسرائيل على فرض الوقائع على الأرض دون خوف من المحاسبة الدولية.

2. توظيف البعد الديني
ربط الزيارة بين السياسة وطقوس دينية مثل أداء الطقوس عند حائط البراق يُظهر كيف يمكن استخدام البعد العقائدي كأداة سياسية. هذه الخطوة تعمق الصراع في القدس، إذ تجعل من التحدي الفلسطيني ليس فقط سياسيًا أو ديمغرافيًا، بل أيضًا صراعًا حول الهوية الدينية والرمزية للمدينة.

3. الضغط على الإقليم
الزيارة توجه رسائل ضمنية إلى قطر والدول العربية والإسلامية بأن الولايات المتحدة تقف بثبات خلف إسرائيل، مهما كانت التوترات أو الخطوات الإقليمية المناهضة للسياسات الإسرائيلية. هذا يضع الضغوط الإقليمية في مسار محدود، ويجعل أي تحرك عربي أو إسلامي لاحتواء التصعيد أقل تأثيرًا على الأرض.

4. تثبيت المعادلة مع غزة
التزامن بين استمرار العمليات العسكرية في غزة وزيارة المسؤول الأميركي للقدس يُظهر أن إسرائيل تعمل على ربط المسارين معًا: تهويد القدس وتعميق الحرب في غزة. هذه المعادلة تعكس استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تثبيت واقع دائم على الأرض، بحيث تصبح أي محاولة لتغيير الوضع في القدس أو إنهاء الحرب أكثر صعوبة، مع ضمان دعم أمريكي مباشر لمواصلة السيطرة.

القدس تحت مجهر الصراع الدولي

زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للقدس ومشاركته في افتتاح النفق الاستيطاني ليست مجرد مشهد بروتوكولي أو احتفالي عابر، بل محطة مفصلية تكشف عمق الانحياز الأمريكي للمشروع الإسرائيلي في المدينة. فهي تعكس أن الولايات المتحدة لم تعد تكتفي بالدعم السياسي أو العسكري لإسرائيل، بل تنخرط بشكل مباشر في مشاريع التهويد التي تهدف إلى إعادة تشكيل المعالم التاريخية والدينية للقدس، بما يضع مستقبل المدينة والقضية الفلسطينية أمام تحديات غير مسبوقة.

تأتي هذه الخطوة في خضم حرب مستمرة على قطاع غزة، ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا؛ إذ ترتبط العمليات العسكرية مع التحركات الدبلوماسية لتكرس واقعًا جديدًا على الأرض، يصعب تغييره في المستقبل القريب. وبهذا تصبح الأنفاق والمشاريع الاستيطانية أدوات استراتيجية، ليس فقط للسيطرة على الأرض، بل لإعادة كتابة الرواية التاريخية والدينية للمدينة.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: هل يستطيع التحرك العربي والإسلامي ـ خاصة عبر القمة الطارئة في الدوحة ـ مواجهة هذا المسار، أم أن القدس تتجه نحو مرحلة جديدة من التهويد الممنهج تحت غطاء سياسي ودبلوماسي أمريكي مباشر؟ هذا السؤال يضع القمم العربية والإسلامية أمام اختبار حقيقي، حيث تتشابك السياسة بالدين والميدان بالقوة، لتصبح القدس محط صراع دولي معقد ومستمر. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4