الرباعية الدولية تزلزل الساحة السودانية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.14 - 09:23
Facebook Share
طباعة

بينما تتصاعد نيران الحرب في السودان، فجر بيان الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر موجة جديدة من التوترات، كاشفاً عمق الانقسامات السياسية والعسكرية.
البيان لم يكتفِ بتحديد موقف دولي صارم من الأزمة، بل أعاد ترتيب تحالفات القوى المحلية، وفرض واقعاً جديداً على الأطراف السودانية، مما جعل كل جهة تعيد تقييم استراتيجياتها ومواقفها تجاه الحرب والشرعية والسيادة.

أعقب البيان فرض عقوبات أميركية على وزير المالية جبريل إبراهيم وجماعة البراء بن مالك الإسلامية المسلحة، ما شكل ضربة مباشرة لأطراف الصراع وأجبرهم على إعادة النظر في مواقفهم، الاجتماع الذي انعقد بدعوة من واشنطن في 12 سبتمبر أكد موقفاً حازماً على أن الحل العسكري غير قابل للتطبيق، وأن إيصال المساعدات الإنسانية يجب أن يتم دون معوقات، وحماية المدنيين ضرورة ملحة، مع منع عودة الإسلاميين.

في شرق السودان، وبالتحديد بورتسودان، مقر الحكومة المدعومة من الجيش، شددت وزارة الخارجية على أن السيادة الوطنية خط أحمر، وأن أي تدخل دولي يجب أن يكون عبر مؤسسات الدولة الرسمية. وأكدت رفضها مساواة قوات الدعم السريع بالجيش واعتبرت أعمالها إرهابية، مؤكدة أن الشرعية الحقيقية تُستمد من الشعب السوداني.

على الطرف الآخر، اتخذت حكومة السلام والوحدة في نيالا لهجة أكثر تقبلاً للبيان، معتبرة إياه خطوة لمعالجة جذور الأزمة التاريخية في البلاد، ومعلنة استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على ضرورة عزل الإسلاميين وكتائبهم كشرط أساسي لتحقيق السلام.

الحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي اعتمدت خطاباً تعبويًا ودينياً، ووصفت الحرب بأنها معركة كرامة وجهاد، مشيدة بتضحيات الجيش، ودعت الشباب إلى مقاومة دولية تحت راية الجهاد، معتبرة بيان الرباعية محاولة لإنقاذ قوات الدعم السريع.

في الوقت ذاته، وجدت حركة العدل والمساواة نفسها في مرمى العقوبات الأميركية، فأصدرت بياناً رافضاً ووصفت العقوبات بأنها جائرة وخالية من الأساس القانوني، مؤكدة أنها ليست امتداداً لنظام البشير وأن دعمها للجيش كان لمواجهة تجاوزات قوات الدعم السريع وجرائم الحرب التي ارتكبتها.

حتى حاكم دارفور مني أركو مناوي دافع عن حليفه جبريل إبراهيم، موضحاً أن مشاركته في الحرب كانت اضطرارية لمواجهة تجاوزات قوات الدعم السريع. أما كتائب البراء بن مالك فقد التزمت الصمت، ما أثار تكهنات حول موقفها في المعادلة الحالية، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية على الإسلاميين.

ما أظهرته هذه المواقف المتتالية ليس مجرد ردود فعل، بل خريطة واضحة لتشظي المشهد السياسي والعسكري في السودان. الجيش وحكومته يتمسكان بالشرعية الداخلية ويرفضان المساواة مع قوات الدعم السريع، بينما تحاول الأخيرة كسب شرعية خارجية عبر خطاب معادٍ للإسلاميين، الذين أعادوا إنتاج خطاب المقاومة ضد الغرب.

وبينما يرفع الجميع شعار السلام، يبقى التعريف والمرجعيات مختلفة، والكل يدّعي تمثيل السودان، ما يطرح أسئلة أساسية: من سيمثل السودان أمام المجتمع الدولي؟ ومن يمتلك القدرة والإرادة السياسية لإنهاء الحرب؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6