كيف يرى طلاس مستقبل الجيش السوري؟

2025.09.14 - 11:30
Facebook Share
طباعة

 
ألقى الجنرال السوري السابق مناف طلاس، المنشق عن النظام السابق، محاضرة في العاصمة الفرنسية باريس أمام جمهور متنوع، تحدث فيها عن رؤيته لمستقبل سوريا ومقترحاته بشأن بناء الدولة السورية الجديدة. ورغم أنه يحاول تقديم نفسه كحل وسط ومرجعية موحدة للجيش والمعارضة، إلا أن تصريحاته تركت العديد من الثغرات والجدل حول مدى قابليتها للتطبيق على الأرض.


طلاس دعا إلى إنشاء مجلس عسكري يضم جميع القوى السورية على الأرض تحت مظلة واحدة، بهدف توحيد المؤسسة العسكرية، التي وصفها بأنها تواجه خطر الانهيار، واعتبر أن الجيش وحده قادر على حماية المرحلة الانتقالية. لكنه لم يوضح كيف يمكن تجاوز الانقسامات العميقة بين الفصائل، خاصة مع استمرار التنافس بين الميليشيات والفصائل المختلفة، ما يجعل فكرة “مجلس موحد” تبدو في الوقت الحالي أكثر شعارًا من كونها خطة عملية قابلة للتطبيق.


كما شدد طلاس على ضرورة الحد من سلطة الرئيس لصالح المجلس العسكري، معتبراً أن الجيش هو القادر على ضبط الأمور. هنا يظهر تناقض واضح في تصريحاته: فهو يريد توحيد الدولة والمشاركة السياسية، لكنه في الوقت ذاته يضع السلطة الفعلية في يد المؤسسة العسكرية، ما يثير التساؤل حول دور المدنيين في أي نظام مستقبلي، ويمثل تناقضاً بين شعارات الديمقراطية التي يرفعها وطبيعة الحلول التي يقترحها.


فيما يخص الدين، عبّر طلاس عن تفضيله للإسلام الأشعري أو الصوفي المشاركة في السياسة، معارضًا لفكرة الإسلام السياسي، لكنه لم يقدم تصوراً واضحاً عن كيفية تطبيق ذلك في واقع سوريا الحالي، حيث الدين والسياسة متشابكان في العديد من المناطق. هذه التصريحات أثارت انتقادات بعض المراقبين، الذين يرون أن اقتراحاته غير واقعية في بلد يعاني من تشتت المجتمعات والميليشيات المتصارعة.


وعن التطبيع مع إسرائيل، اعتبر طلاس أن أي نقاش حول هذا الموضوع في الوقت الحالي سيكون سابقاً لأوانه، مشيراً إلى ضعف الدولة السورية وغياب الجيش القوي والدستور والبرلمان. لكنه لم يوضح كيف ستتم حماية السيادة الوطنية أثناء تشكيل مجلس عسكري يهيمن على السلطة، ما يترك انطباعاً بأن رؤيته لموضوع التطبيع لم تتجاوز المبادئ العامة، وأنها تفتقد إلى خطة عملية للتعامل مع الضغوط الإقليمية والدولية.


وفي ما يخص الشتات السوري، شدد طلاس على ضرورة وضع خريطة طريق لعودة اللاجئين والمغتربين من البلدان المجاورة والغربية، مؤكدًا على ضرورة دمجهم في العملية السياسية والبناء. لكن تصريحاته غابت عنها تفاصيل آليات الدمج وكيفية التعامل مع التعقيدات الاجتماعية والسياسية التي تواجه عودة ملايين السوريين، ما يقلل من مصداقية الطرح على أرض الواقع.


كما أشار طلاس إلى تواصله مع نحو 10 آلاف ضابط منشق وفصائل مختلفة، بهدف إنشاء قاعدة دعم للمجلس العسكري المقترح، لكنه لم يقدم أي تفاصيل حول كيفية تنسيق هذه القوى أو ضمان ولائها، ما يعكس فجوة كبيرة بين الطموحات النظرية والقدرة الفعلية على التنفيذ.


في الخلاصة، محاضرة مناف طلاس في باريس قدمت صورة لرؤية عسكرية وسياسية مثيرة للجدل، تجمع بين الطموح في توحيد الجيش السوري والحاجة للمرحلة الانتقالية، لكنها تركت العديد من التساؤلات حول إمكانية تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع، خصوصًا في ظل الانقسامات الداخلية، تشتت الفصائل، وتعقيدات الملف السوري الداخلي والخارجي. يبدو أن تصريحاته تحمل أكثر من شعور بالمثالية، بينما ينقصها التفصيل العملي والآليات الواقعية لتحقيق ما يقترحه، مما يجعلها مادة للجدل والنقد أكثر منها خطة قابلة للتطبيق.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4