من المواطن إلى الرئيس: النظام السوري يطلق آلية رسمية لمكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين
في خطوة غير مسبوقة ضمن مسار الإصلاح الإداري، أطلقت الرئاسة السورية بوابة رسمية إلكترونية تتيح للمواطنين الإبلاغ عن أي إساءة أو تجاوز صادر من موظفي الحكومة، وصولاً إلى أعلى مستويات القيادة، بما في ذلك الرئيس أحمد الشرع. المبادرة تعكس سعي دمشق لتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية، وتؤكد أن “لا أحد فوق المحاسبة”، بحسب بيان رسمي نشر على تطبيق "تلغرام".
تفاصيل المبادرة
وفق البيان، يمكن للمواطنين تقديم شكاوى ضد أي موظف حكومي مسيء، سواء في الدوائر الرسمية أو أعضاء الحكومة بشكل عام، بما يشمل الرئيس. وأوضح البيان أن هذه الخطوة تأتي ضمن مسيرة إعادة الإعمار والتطوير التي تشهدها سوريا بعد التحرير، وتهدف إلى ضمان شفافية أداء المسؤولين ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
كما أكدت الرئاسة أن النظام يوفر قنوات متنوعة وآمنة لتقديم البلاغات، بما يضمن حماية حقوق المواطنين ويتيح لهم المطالبة بحقوقهم دون خوف من أي انتقام. وأوضح البيان أن المبادرة تهدف إلى:
تعزيز النزاهة والشفافية في المؤسسات الحكومية.
الحد من الفساد الإداري والمالي.
تحسين جودة الخدمات العامة من خلال تغذية راجعة مباشرة.
بناء الثقة بين المواطن والدولة وتعزيز الالتزام بالقوانين والأنظمة.
تأتي هذه الخطوة في سياق محاولة الحكومة السورية تعزيز الحوكمة الرشيدة بعد سنوات طويلة من الصراعات الداخلية والأزمات الاقتصادية. فتح قنوات رسمية للإبلاغ عن إساءات الموظفين يمثل رسالة سياسية قوية للمجتمع المحلي والخارجي، مفادها أن الدولة جادة في محاربة الفساد ومحاسبة المقصرين.
كما يمكن أن يكون لهذا النظام أثر مزدوج: فهو يعزز شفافية الأداء الحكومي، وفي الوقت نفسه يشكل آلية ضغط على المسؤولين لتحسين أدائهم، خاصة في ملفات الخدمات العامة وإعادة الإعمار.
سوريا شهدت خلال العقد الماضي تحديات كبيرة في الإدارة العامة بسبب الصراعات المسلحة والتدهور الاقتصادي، مما أدى إلى ضعف الثقة بين المواطن والدولة. المبادرات الرقمية مثل هذه البوابة تأتي ضمن استراتيجية متدرجة لتحسين آليات المساءلة والحوكمة، وتواكب التطورات التكنولوجية في إدارة الشكاوى الحكومية، بما يتيح مراقبة أداء الموظفين في مختلف القطاعات.
هذه البوابة تعد نموذجًا للشفافية في المنطقة، إذ تمنح المواطنين حقًا دستوريًا وأداةً قانونية مباشرة لمتابعة حقوقهم، وتضع معايير جديدة للحوكمة في سوريا الحديثة، بما يعكس رغبة القيادة في بناء مؤسسات فعالة وقادرة على تقديم خدمات عالية الجودة.
