عون في جولة دولية.. والسيادة تواجه المخيمات

جوسلين معوض

2025.09.14 - 10:41
Facebook Share
طباعة

 يتجه لبنان اليوم نحو مرحلة حساسة على الصعيدين الدولي والمحلي، مع التحركات السياسية والأمنية التي تقودها الدولة لتعزيز سيادتها وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، في وقت يتواصل فيه تطبيق خطة نزع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في الجنوب والشمال.


حضور لبناني دولي مؤثر
في هذا الإطار، يستعد رئيس الجمهورية اللبناني لجولة خارجية تشمل الدوحة ونيويورك. تأتي زيارة الدوحة للمشاركة في القمة العربية والإسلامية الطارئة، التي تناقش الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر، مع عرض موقف لبنان الرسمي الذي يؤكد التمسك بالثوابت الوطنية والعربية. في الأيام التالية، يتوجه الرئيس إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مشاركة تمثل أول ظهور له منذ توليه المنصب قبل ثمانية أشهر.


تحمل هذه الجولة بعداً خاصاً، إذ توفر منصة للبنان لعرض مواقفه أمام المجتمع الدولي في وقت يمر فيه البلد بتحولات داخلية حساسة، ويشكل اختباراً لقدرة الدولة على إعادة تموضعها دولياً، واستثمار الدعم الإقليمي والدولي لترسيخ الاستقرار الداخلي وتعزيز حصرية السلاح بيد الدولة.


تنفيذ خطة نزع السلاح الفلسطيني
ميدانياً، يواصل الجيش اللبناني تنفيذ خطة أمنية دقيقة تستهدف مناطق جنوب الليطاني والمخيمات الفلسطينية، ضمن جهود ضبط الوضع الأمني. المرحلة الرابعة من هذه الخطة شهدت تسلّم الجيش دفعات جديدة من الأسلحة والذخائر من مخيمي عين الحلوة والبداوي، في خطوة تُعد الأولى منذ عقود لتسليم سلاح فلسطيني من مخيم عين الحلوة.


مع ذلك، العملية لا تزال غير شاملة، حيث لم تنخرط معظم القوى والفصائل الفلسطينية خارج حركة فتح بشكل فعلي، مع استمرار رفض التسليم الجزئي والمنفرد دون معالجة جذرية للواقع الفلسطيني في لبنان. بعض الفصائل، مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، تشترط أن يتم أي اتفاق ضمن إطار فلسطيني موحد يضم هيئة العمل المشترك ويضمن حقوق اللاجئين المدنية والإنسانية. بينما تشترط قوى إسلامية أخرى، مثل "عصبة الأنصار"، أن يسبقه توافق فلسطيني شامل يشمل تسوية ملف المطلوبين.


تحديات نزع السلاح
يبقى التحدي الأبرز هو ضمان الشمولية والاستقرار بعد تسليم السلاح، مع المخاوف من انكشاف المخيمات أمنياً وما قد ينجم عن ذلك من صراعات دامية كما حدث في السابق. الهواجس تشمل أيضاً مصير الترسانة المتبقية من الأسلحة الثقيلة، واستعداد بقية الأطراف الفلسطينية للانخراط في المسار نفسه، خصوصاً في ظل الضغط السياسي والأمني من الدولة اللبنانية لضمان سيادتها.


أبعاد سياسية وأمنية
تأتي هذه التحركات بالتوازي مع سياسة الدولة لتعزيز سيادتها على كامل أراضيها، وسط اعتداءات إسرائيلية مستمرة وانتهاكات متكررة للحدود الجنوبية. حصر السلاح بيد الجيش يعكس رغبة لبنان في وضع حد للتدخلات المسلحة غير الرسمية، وتأمين قدرة الدولة على ضبط الأمن الداخلي وحماية المدنيين والممتلكات.


من الناحية السياسية، تمثل المبادرات الدولية، خصوصاً الفرنسية والسعودية، دعماً للبنان في تثبيت الجيش وتعزيز قدراته، من خلال تمويل المعدات والتجهيزات اللوجستية الضرورية، إضافة إلى دعم إعادة الإعمار بعد سنوات من النزاعات والهجمات التي ألحقت أضراراً بالبنية التحتية، لا سيما في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية.


المبادرات الدولية
تسعى فرنسا لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني خلال الخريف المقبل، ويشمل التمويل والتجهيز والدعم اللوجستي لتعزيز قدراته. كما تُخطط لعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، إلى جانب مؤتمر استثماري بعنوان "بيروت 1 للاستثمار"، لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني. وقد عرضت فرنسا على المملكة العربية السعودية استضافة مؤتمر دعم الجيش في النصف الأول من تشرين الأول المقبل، بما يعكس اهتمام المجتمع الدولي بقدرة لبنان على الحفاظ على سيادته وأمنه.


المعادلة الداخلية
الخطوات الأمنية والسياسية المتزامنة في لبنان توضح التحديات المعقدة التي تواجه الدولة. فهي تسعى إلى حصر السلاح بيدها، في وقت تواجه رفض بعض الفصائل الفلسطينية للتسليم الجزئي، وسط هواجس من انكشاف المخيمات أو حدوث صراعات داخلية. التحدي الأساسي هو إيجاد توازن بين فرض السيادة اللبنانية، وتحقيق الأمن المحلي، واحترام الحقوق الفلسطينية ضمن المخيمات، مع استمرار الحاجة لدعم دولي للحفاظ على الاستقرار الشامل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2