في خطوة لافتة تحمل أبعادًا سياسية وأمنية بالغة الحساسية، جدّدت مصر دعوتها إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل كافة، مشددة على ضرورة إخضاع جميع المنشآت النووية في المنطقة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والجدل الدولي المتزايد حول البرامج النووية، خصوصًا في إسرائيل وإيران.
البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية جاء في سياق التحضيرات لعقد المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا بين 15 و19 سبتمبر الجاري. وأكدت القاهرة أن تحقيق عالمية معاهدة منع الانتشار النووي (NPT) يتطلب انضمام كل دول الشرق الأوسط إليها دون استثناء، مع توقيع اتفاقات ضمانات شاملة تتيح رقابة دولية صارمة وشفافة.
وركزت مصر على خطورة اعتماد المجتمع الدولي "معايير مزدوجة" في التعامل مع البرامج النووية، مؤكدة أن هذه الازدواجية تغذي سباق التسلح وتزيد من احتمالات الانفجار الإقليمي.
الموقف المصري ليس جديدًا، إذ تعود جذوره إلى مبادرة طرحتها القاهرة عام 1974 بالأمم المتحدة لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. وتُعد مصر من الدول الأكثر إصرارًا على هذا الملف، حيث اعتبرت أن القرار الصادر عام 1995 عن مؤتمر مراجعة وتمديد معاهدة منع الانتشار النووي بشأن إنشاء المنطقة النووية الخالية يمثل التزامًا دوليًا واضحًا، يرتبط مباشرة بصفقة المد اللانهائي للمعاهدة.
تأتي هذه الدعوة في وقت يشتد فيه الجدل الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني من جهة، والقدرات النووية الإسرائيلية غير الخاضعة للرقابة من جهة أخرى. وتخشى القاهرة – ومعها أطراف إقليمية ودولية – من أن يؤدي استمرار الغموض النووي في المنطقة إلى انفجار سباق تسلح جديد يهدد السلم والأمن الدوليين.
كما شددت مصر على أن التوصل إلى شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي سيكون خطوة جوهرية لتعزيز الأمن الجماعي، ولبنة أساسية نحو عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
تطرح مصر برؤيتها هذه معادلة صعبة: لا استقرار في المنطقة دون شفافية نووية كاملة، ولا أمن جماعي دون معايير موحدة تطبق على الجميع دون استثناء. ويبقى التحدي الأبرز هو تجاوب القوى النووية الإقليمية، وخاصة إسرائيل التي ترفض الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار، في وقت يراقب فيه المجتمع الدولي عن كثب ما ستؤول إليه مناقشات فيينا المقبلة.