من محاولة اغتيال إلى أزمة دولية: كيف ارتدت مغامرة نتنياهو في الدوحة عليه؟

2025.09.13 - 02:00
Facebook Share
طباعة

في خطوة بدت أقرب إلى مقامرة سياسية وعسكرية، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن غارة جوية على الدوحة استهدفت اجتماعًا لقيادات حركة حماس. غير أن العملية التي كان يُراد لها أن تكون إعلان انتصار مدوٍ ارتدت سلبًا على إسرائيل، فنجا المستهدفون وأُضيفت إلى رصيد نتنياهو المثقل بالانتكاسات أزمة جديدة مع حلفائه الإقليميين والدوليين.

العملية الفاشلة وتداعياتها المباشرة

كان الهدف من الضربة اغتيال كبار قادة حماس الذين اجتمعوا في العاصمة القطرية لمناقشة مقترح أميركي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. لكن فشل العملية لم يقتصر على النجاة الجسدية لقيادة الحركة، بل انعكس فورًا على صورة إسرائيل، التي تواجه منذ أشهر ضغوطًا دولية متصاعدة بسبب حجم الكارثة الإنسانية في غزة.
الصور القادمة من قلب الدوحة أظهرت مبنى مدمرًا وسط أحياء مدنية، في مشهد بدا بمثابة إحراج جديد لحكومة نتنياهو أمام العالم.

خسارة قناة الوساطة مع قطر

الهجوم الإسرائيلي لم يضرب فقط أهدافًا ميدانية، بل أصاب قناة الوساطة التي شكلت أحد الأعمدة القليلة المتبقية في مسار التفاوض. قطر، التي قادت وساطات أفضت إلى هدنتين سابقتين وإطلاق سراح عشرات الرهائن، وجدت نفسها مستهدفة مباشرة، ما دفع مراقبين للقول إن إسرائيل أحرقت الجسر الأخير نحو أي حل تفاوضي.
هاريل تشوريف، الخبير في الشؤون العربية بجامعة تل أبيب، أشار إلى أن تل أبيب كانت قادرة منذ البداية على استهداف قادة حماس في الخارج، لكنها امتنعت عن ذلك تفاديًا لاستعداء قطر. اليوم، بحسب تعبيره، أعلنت إسرائيل للعالم أنها لم تعد معنية بالمفاوضات.

ارتدادات على العلاقات مع واشنطن

المقامرة السياسية لم تقتصر آثارها على المشهد العربي. فالغارة فجرت غضبًا في واشنطن، حيث عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "استيائه الشديد" وأبلغ القطريين أن مثل هذه العملية لن تتكرر. ومع أن ترامب لم يلوّح بإجراءات عقابية مباشرة ضد تل أبيب، إلا أن توتير العلاقة مع الحليف الأوثق للجيش الإسرائيلي يفتح الباب أمام ضغوط أميركية غير مسبوقة على نتنياهو.
في المقابل، واصل الأخير لغة التحدي مهددًا بمزيد من العمليات إذا استمرت الدوحة في استضافة قادة حماس، في رسالة أراد منها إظهار القدرة على "الوصول إلى أي مكان"، ولو على حساب علاقاته الدولية.

مأزق الأسرى وتعقيد معادلة النصر

واحدة من أكثر نتائج الغارة خطورة أنها وضعت ملف الأسرى الإسرائيليين الباقين في غزة في مهب المجهول. إذ بينما تمكنت قطر سابقًا من ضمان إطلاق سراح 148 رهينة، لا تزال إسرائيل عاجزة عن استعادة سوى عدد محدود عبر عملياتها العسكرية. اليوم، بعد نسف قناة الدوحة، تبدو احتمالات التوصل إلى اتفاق تبادل شبه معدومة، وهو ما يفاقم الضغوط الداخلية على نتنياهو الذي يواجه انتقادات من عائلات الأسرى ومن شركائه السياسيين على حد سواء.

نتنياهو بين الحرب والسياسة

منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، سعى نتنياهو لتحويل الحرب على غزة إلى وسيلة لاستعادة مكانته السياسية المتصدعة. لكن مشاهد الدمار الإنساني، والفشل في القضاء على حماس أو استعادة جميع الأسرى، إضافة إلى عزلة دولية متنامية، جعلت مسار الحرب يتحول إلى عبء ثقيل.
المقامرة في الدوحة قد تكون نقطة تحول: بدل أن تمنح نتنياهو فرصة إعلان نصر طال انتظاره، كشفت حدود القوة الإسرائيلية وأدخلت العلاقات مع واشنطن والدوحة في مسار تصادمي يزيد من عزلته.

 

هكذا، من محاولة اغتيال فاشلة في عاصمة عربية إلى أزمة مفتوحة مع الولايات المتحدة وقطر، يجد نتنياهو نفسه أمام ارتداد استراتيجي خطير. فالعملية التي كان يأمل أن تُتوّج حربه بإعلان النصر، قد تكون في الواقع بداية العدّ التنازلي لتفكك معادلاته السياسية والعسكرية على حد سواء.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2