واشنطن تتوعد موسكو: "كل شبر من الناتو خط أحمر"

2025.09.13 - 12:50
Facebook Share
طباعة

تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا بعد حادثة اختراق مسيّرات روسية للأجواء البولندية، في حادثة اعتبرتها وارسو تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، فيما أكدت واشنطن على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودبلوماسييها أن أمن حلف شمال الأطلسي "غير قابل للمساومة". هذا التصعيد يضع العلاقات الروسية ـ الأميركية أمام منعطف خطير، ويثير مخاوف من أن تتحول الحرب في أوكرانيا إلى مواجهة شاملة بين موسكو والحلف الغربي.

المضمون

الموقف الأميركي: رسائل تحذير قوية

أكدت دوروثي شيا، القائمة بأعمال السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أن بلادها "تتعهد بحماية كل شبر من الناتو" في مواجهة ما وصفته بـ"الانتهاكات المزعجة" للأجواء. وأضافت أن هذه التطورات لا تساهم في أي جهود لإنهاء الحرب، بل تزيدها تعقيدًا، مشيرة إلى أن واشنطن تقف إلى جانب بولندا وكل دولة عضو في الحلف.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدوره، صعّد لهجته في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، قائلاً: "لا يجوز أن تقترب المسيرات الروسية من الحدود البولندية، وسنرد على أي تهديد يمس سيادة حلفائنا". وعلى الرغم من إشارته في وقت سابق إلى أن التوغل ربما كان "خطأ"، فإن ردود فعل الحلفاء الأوروبيين دفعت الإدارة الأميركية إلى إظهار موقف أكثر صلابة.

بولندا: من الغضب إلى الاستنفار

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ردّ بوضوح على تصريحات ترامب، قائلاً: "نحن أيضاً كنّا نفضّل أن يكون هذا مجرد خطأ، لكننا نعلم أنه ليس كذلك". تصريحاته عكست تصميم وارسو على اعتبار ما جرى هجومًا مباشرًا يستوجب رداً قوياً، وهو ما ظهر بالفعل عبر تنسيق عسكري سريع مع دول الحلف للمشاركة في إسقاط المسيّرات الروسية.

هذه الاستجابة الجماعية تمثل سابقة مهمة؛ إذ إنها المرة الأولى منذ اندلاع الحرب الروسية ـ الأوكرانية في 2022 التي يشارك فيها أكثر من عضو بالحلف بشكل مباشر في اعتراض أهداف روسية.

موسكو: نفي وتهرب من التفاصيل

في المقابل، أكدت روسيا أنها لم تكن تستهدف الأراضي البولندية، مشددة على أن الهجوم لم يكن مقصودًا، لكنها رفضت تقديم أي تفاصيل إضافية، وهو ما اعتبرته أوساط غربية محاولة للتهرب من المسؤولية وترك الحادثة في منطقة رمادية.

الخلفية: الناتو بين ردع موسكو وتفادي الحرب

منذ انطلاق الحرب في أوكرانيا، شكّل الموقف من بولندا اختبارًا حاسمًا لاستراتيجية الناتو. فهذه الدولة تمثل بوابة الشرق الأوروبي وخط الدفاع الأول ضد أي تمدد روسي محتمل.

الأهمية الجيوسياسية: بولندا هي نقطة الارتكاز اللوجستية لدعم أوكرانيا بالسلاح والعتاد، ما يجعلها هدفًا حساسًا بالنسبة لموسكو.

الخوف الغربي: أي هجوم على بولندا يعني تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الناتو، التي تعتبر الاعتداء على عضو واحد اعتداءً على الجميع، وهو ما قد يشعل حربًا أوروبية ـ روسية واسعة.

الرسائل الروسية: اختراق المسيّرات قد يكون رسالة ردع من موسكو إلى الحلف، في محاولة للتأكيد على أنها قادرة على تهديد الداخل الأوروبي متى شاءت.


التداعيات السياسية والأمنية

1. داخل الناتو: الحادثة عززت التضامن بين أعضاء الحلف، لكنها في الوقت نفسه وضعت القادة الأوروبيين أمام معضلة: كيف يمكن الردع دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة مع روسيا؟


2. في الولايات المتحدة: الموقف المتشدد يعكس محاولة من ترامب لتعزيز صورته كرئيس قوي قادر على حماية الحلفاء، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الأميركية المقبلة. أي ضعف في التعامل مع روسيا قد يُستخدم ضده سياسيًا في الداخل.


3. على الصعيد الروسي: موسكو تراهن على اختبار صبر الناتو واستغلال أي تردد أو انقسام داخلي لإضعاف جبهة الغرب، معتمدة على طول أمد الحرب لاستنزاف أوروبا اقتصاديًا وعسكريًا.

 

حادثة المسيّرات فوق بولندا تمثل جرس إنذار جديد بأن الحرب في أوكرانيا لم تعد محصورة داخل حدودها، وأن خطر انتقالها إلى أراضي الناتو بات أكثر واقعية. وبينما تعلن واشنطن بوضوح أن "كل شبر من الناتو خط أحمر"، يبقى السؤال: هل يكفي هذا الردع اللفظي لمنع مواجهة مباشرة مع روسيا، أم أن القارة الأوروبية تقترب من لحظة انفجار كبرى قد تغيّر ملامح الأمن العالمي لعقود قادمة؟


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9