تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن قطاع غزة يواجه مرحلة حرجة من الأزمة الإنسانية، مع توسع العمليات العسكرية وتصاعد العنف المستمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد حذر المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إدوارد بيجبيدر، من كارثة وشيكة تهدد حياة أكثر من 450 ألف طفل في القطاع.
أبعاد الأزمة الإنسانية:
يوضح التقرير الأممي إلى أن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان أدى إلى إصابات واسعة بين المدنيين، بمن فيهم الأطفال، وتدمير المنازل والمدارس والبنية التحتية الحيوية، مما يجعل المدينة غير صالحة للسكن. ويضاف إلى ذلك خطر نقص الغذاء، حيث تم تشخيص أكثر من 10 آلاف طفل بسوء التغذية الحاد خلال الشهرين الماضيين، بينما يواجه نحو 2400 طفل خطر الموت في حال انقطاع الرعاية الطبية.
الأطفال الأكثر تضرراً:
الوضع الحرج للأطفال الخُدج في الحاضنات والمصابين في وحدات العناية المركزة وذوي الإعاقة، الذين يحتاجون نقل آمن إلى أماكن أكثر أمناً وسط استمرار العمليات العسكرية. ويعكس شعور الأطباء باليأس محدودية الخيارات المتاحة لحماية المرضى في ظل غياب أي أماكن آمنة.
الدعوة الدولية والتحرك الإنساني:
طالبت اليونيسيف المجتمع الدولي بالتحرك العاجل، مؤكدة ضرورة التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي لحماية الأطفال والخدمات الأساسية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر بشكل آمن ومستدام، بما في ذلك الغذاء والمياه والوقود والمساعدات الطبية، مع حماية البنية التحتية الحيوية للسكان، كما أكدت المنظمة على وجوب السماح بحرية التنقل إلى مناطق أكثر أماناً دون إجبار السكان على الانتقال القسري.
أرقام وخلفيات مأساوية:
منذ7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشير التقارير إلى أن العمليات العسكرية خلفت 64 ألفاً و368 قتيلاً و162 ألفاً و367 مصاباً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين.
كما أدت أوضاع الغذاء الحرجة إلى وفاة 382 فلسطينياً، بينهم 135 طفلاً.
أردف بيجبيدر أن "أكثر من 50 ألف طفل تأثروا بشكل مباشر خلال أقل من عامين"، في تحذير من استمرار تصاعد الأزمة.
العوامل المؤدية للأزمة:
إغلاق المعابر: منذ 2 مارس/آذار 2025، تم إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة، ما منع دخول المواد الغذائية والعلاجية والمساعدات الإنسانية، وأدى إلى تفاقم نقص الموارد رغم وجود شاحنات إغاثة على الحدود.
تصعيد العمليات العسكرية: استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة أدى إلى تدمير واسع للمنازل والمدارس والمستشفيات، مع ارتفاع حصيلة المدنيين المصابين.
نقص الموارد الطبية: الأطباء في غزة يفتقرون إلى الموارد الأساسية لحماية المرضى، لا سيما الأطفال وذوي الحالات الحرجة، وسط معاناة مستمرة لم تُحل منذ بداية الأزمة.
الوضع في غزة يتسم بالتدهور السريع، مع وجود مؤشرات واضحة على كارثة إنسانية وشيكة، خصوصاً للأطفال. التحذيرات الأممية الأخيرة، اي تصعيد إضافي سيضاعف معاناة المدنيين ويجردهم من آخر ما تبقى لهم من حماية، مما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً وحلاً يضمن وصول المساعدات الإنسانية ويحد من سقوط مزيد من الضحايا، خاصة الأطفال الأكثر ضعفا.