الخطة التي كشفتها وثائق داخلية عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن اللجوء تعكس محاولة جذرية لإعادة صياغة النظام الدولي القائم منذ عقود.
الوثائق التي أطلعت عليها رويترز توضح أن الإدارة كانت تعتزم طرح مبادرة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو إلى إلزام طالبي اللجوء بتقديم طلباتهم في أول بلد يدخلونه، وتحويل اللجوء إلى وضع مؤقت تحدد مدته الدولة المضيفة وفق ظروف بلد الأصل، هذا النهج يمثل تحولا كبيرا عن الإطار القانوني لاتفاقية 1951 وبروتوكول 1967 اللذين رسخا حق الحماية للفارين من الاضطهاد.
الدوافع لم تكن قانونية بحتة، بل ارتبطت برؤية سياسية وأيديولوجية واضحة فمنذ بداية ولايته، أعطى ترامب الأولوية لسياسات الهجرة المتشددة وركز على الحد من استقبال اللاجئين، ومنح امتيازات خاصة لجماعات أوروبية بيضاء من جنوب إفريقيا في إشارة إلى بعد تمييزي أثار انتقادات واسعة. وبذلك سعى إلى إعادة تشكيل ديموغرافيا القبول الأمريكي بما يعكس رؤيته القومية الضيقة.
على المستوى الدولي، سعت الإدارة إلى نقل هذا التصور نحو الأمم المتحدة لمنحه غطاء شرعي، إلا أن الخطوة واجهت عوائق كبيرة، فالاتفاقيات الدولية لا يمكن إلغاؤها بإرادة دولة واحدة، كما أن الدعم لهذه التوجهات ظل محدودا رغم وجود حكومات يمينية تميل إلى تبني سياسات مشابهة.
وفي المقابل، حذر ناشطون ومنظمات حقوقية من خطورة العودة إلى مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية عندما كان الفارون من الاضطهاد بلا حماية، مؤكدين أن التخلي عن الحق في طلب اللجوء سيؤدي إلى كوارث إنسانية.
ورغم أن المشروع لم يجد طريقه إلى التنفيذ على نطاق عالمي، فإنه يعكس مسارا متصاعدا في عدد من الدول التي صارت تضع اعتبارات الأمن والسياسة الداخلية فوق الالتزامات الإنسانية، وهو ما يهدد بتفكيك أحد أهم أعمدة النظام الدولي بعد الحرب: حماية اللاجئين.