غارة إسرائيلية على قطر تفجّر عاصفة خليجية.. وأبوظبي تكسر صمت التطبيع

2025.09.12 - 12:40
Facebook Share
طباعة

في تطور خطير يعكس حجم التوتر المتصاعد بين إسرائيل ودول الخليج، استدعت الإمارات العربية المتحدة سفير تل أبيب لديها احتجاجًا على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قادة من حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، في خطوة وصفتها أبوظبي بأنها "اعتداء على منظومة الأمن الخليجي المشترك". هذا التحرك الدبلوماسي يعكس إجماعًا خليجيًا على رفض المساس بسيادة قطر، ويضع العلاقات الإسرائيلية–الخليجية أمام اختبار غير مسبوق منذ توقيع "اتفاقيات أبراهام" قبل خمس سنوات.

 

الضربة الإسرائيلية: رسائل أبعد من استهداف حماس

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يوم الثلاثاء لم يكن مجرد عملية عسكرية عابرة. فوفق المصادر العبرية، كانت الغارة موجهة لاجتماع لقيادات عليا من حركة حماس، بينهم خليل الحية، رئيس وفد الحركة في محادثات وقف إطلاق النار، الذي نجا من الضربة، فيما قُتل ستة بينهم نجله.

العملية جاءت بينما كانت الوساطة القطرية–المصرية–الأمريكية تتحرك بكثافة لوقف الحرب في غزة، ما اعتبره مراقبون نسفًا متعمدًا للمسار الدبلوماسي، ورسالة مباشرة بأن تل أبيب ترفض أي تسوية لا تضمن شروطها الأمنية.

لكن، وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فقد فشلت الضربة في تحقيق "النتيجة المرجوة"، في إقرار ضمني بأن الهدف الأساسي – اغتيال الحية – لم يتحقق.

 

الموقف الإماراتي: كسر الصمت ورفع السقف

بيان وزارة الخارجية الإماراتية حمل لهجة حادة وغير معتادة في مخاطبة إسرائيل، إذ أكدت أبوظبي أن أي اعتداء على دولة خليجية هو اعتداء مباشر على منظومة الأمن الخليجي بأكملها. وذهبت أبعد من ذلك حين شددت على أن استمرار "النهج الاستفزازي والعدواني" لإسرائيل يهدد الاستقرار الإقليمي ويدفع المنطقة نحو "مسارات بالغة الخطورة".

هذه الصيغة تتجاوز مجرد التضامن مع قطر، إلى تأكيد مبدأ "الأمن الجماعي الخليجي"، وهو ما يضع إسرائيل في مواجهة مع كتلة سياسية–إقليمية متماسكة نسبيًا، لا مع الدوحة وحدها.

 

انعكاسات على المشهد الإقليمي

توقيت الغارة وما تبعها من ردود خليجية وأممية يفتح الباب أمام عدة سيناريوهات:

تراجع مسار التطبيع: الإمارات، التي كانت رأس الحربة في "اتفاقيات أبراهام"، تجد نفسها مضطرة لتبني خطاب دفاعي حاد ضد إسرائيل، ما قد يجمّد مسار التعاون في ملفات حساسة مثل الدفاع والأمن السيبراني.


تعزيز التنسيق الخليجي: تصريحات أبوظبي قد تفتح المجال أمام موقف جماعي لمجلس التعاون الخليجي، شبيه بمواقف "التضامن الحدودي" في أزمات سابقة.

ضغط دولي متزايد: إدانة مجلس الأمن للضربة يعكس بداية اصطفاف أممي ضد أي تمدد عسكري إسرائيلي خارج نطاق غزة ولبنان، خاصة إذا مست مصالح أو سيادة دول "غير طرف مباشر" في النزاع.


من أبراهام إلى قطر

منذ توقيع "اتفاقيات أبراهام" عام 2020، كانت الإمارات وإسرائيل تسوقان علاقتهما كـ"شراكة استراتيجية" تتجاوز التطبيع إلى التعاون الاقتصادي والتكنولوجي. لكن الهجوم على قطر يمثل أول اختبار جدي لهذه العلاقة، إذ يضع الإمارات في موقف حرج بين التزاماتها الإقليمية في مجلس التعاون ومصالحها الثنائية مع إسرائيل.

أما قطر، فقد لعبت لعقود دور الوسيط بين حماس والولايات المتحدة وإسرائيل، ما جعلها ساحة حساسة للتجاذبات. الضربة الأخيرة على الدوحة تكشف – بوضوح – أن تل أبيب لم تعد تكترث حتى بالقواعد الدبلوماسية غير المكتوبة، وتغامر بإشعال مواجهة أوسع نطاقًا مع المنظومة الخليجية مجتمعة.

 


الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها عبر قصف الدوحة ربما كانت موجهة لحماس، لكن صداها ارتد بقوة في الخليج، حيث أعلنت الإمارات أن أمن قطر هو جزء لا يتجزأ من أمنها. ما بين فشل الغارة عسكريًا وتصاعد تداعياتها سياسيًا، يجد الشرق الأوسط نفسه أمام منعطف جديد: هل نحن بصدد بداية انكفاء لمسار التطبيع، أم أن الأزمة ستنتهي بتسوية مؤقتة تحفظ ماء وجه الأطراف؟


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1