من قلب الكونغرس: اتهام مباشر لواشنطن بالتغطية على جرائم نتنياهو

2025.09.12 - 12:25
Facebook Share
طباعة

في تطور غير مسبوق داخل المؤسسة التشريعية الأميركية، اتهم عضوان بارزان في مجلس الشيوخ إدارة بلادهما بالتواطؤ مع إسرائيل في تنفيذ "خطة تطهير عرقي ممنهجة" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. النائبان الديمقراطيان كريس فان هولين وجيف ميركلي، وكلاهما عضو في لجنة العلاقات الخارجية، قدّما تقريرًا صادماً بعد جولة ميدانية شملت مصر وإسرائيل والأردن والأراضي الفلسطينية، ليضعا واشنطن أمام اتهام مباشر بأنها تغطي سياسة إسرائيلية تقوم على التدمير المنهجي وخنق المساعدات.

 

اتهام صريح لواشنطن

قال النائبان في مؤتمر صحافي إن ما يجري في غزة لا يمكن تفسيره باعتباره "أضرارًا جانبية" للحرب ضد "حماس"، بل هو "استراتيجية متعمدة لتجريف القطاع وتهجير سكانه"، معتبرين أن الولايات المتحدة "شريك في الجريمة عبر توفير الغطاء السياسي والدعم العسكري".

"الغذاء كسلاح حرب"

التقرير وثّق استخدام إسرائيل قيودًا تعسفية لخنق المساعدات الإنسانية، بدءًا من منع دخول سلع أساسية مثل العسل وزبدة الفول السوداني والتمر، وصولًا إلى حظر معدات إغاثية كالكراسي المتحركة ومضخات المياه الشمسية. وذكر أن كل شاحنة مساعدات تُفرض عليها رسوم جمركية باهظة تتكرر عند أي رفض للفحص.

النائبان أشارا إلى أن المساعدات القادمة من الأردن تعمل حاليًا بأقل من 10% من طاقتها الاستيعابية، وأن 2200 حاوية محملة بالأغذية ما تزال متوقفة في ميناء أشدود الإسرائيلي.

شهادات صادمة

خلال الجولة، استمع المشرّعان لروايات من جنود إسرائيليين سابقين تحدثوا عن "تدمير منهجي للبنية التحتية المدنية"، بالإضافة إلى تقارير أممية توثق إطلاق نار على قوافل المساعدات. كما شاهدا بأعينهما حجم الدمار في رفح التي تحولت من مدينة مكتظة بـ270 ألف نسمة إلى "أنقاض ممتدة".

"نزوح طوعي أم تطهير قسري؟"

التقرير اعتبر السردية الإسرائيلية والأميركية حول "النزوح الطوعي" للفلسطينيين واحدة من "أكثر القصص الشريرة والملتوية"، مشيرًا إلى أن حرمان السكان من منازلهم وحقولهم ومصادر الغذاء والمياه لا يمكن وصفه بأي حال من الأحوال بالطوعي.

 

خطورة التقرير تكمن في صدوره عن أعضاء بمجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي، الحاكم في الكونغرس. وهو يضع إدارة ترامب أمام معضلة سياسية: فإما أن تتجاهل الاتهامات وتُتهم بالتغطية على جرائم حرب، أو أن تضطر لإعادة النظر في انخراطها في دعم حكومة نتنياهو.
ويحذّر مراقبون من أن هذه الاتهامات قد تعيد فتح النقاش الداخلي في واشنطن حول المساعدات العسكرية لإسرائيل، وربما تُعمّق الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي نفسه.

 

منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، فيما دمرت مساحات واسعة من البنية التحتية المدنية. لكن الاتهام الجديد من مشرّعين أميركيين بأن إسرائيل تنفذ خطة تطهير عرقي بموافقة ضمنية من واشنطن، يضيف بعدًا خطيرًا: فهو للمرة الأولى يربط مباشرة بين السياسات الإسرائيلية وبين مسؤولية الإدارة الأميركية.
هذا الاتهام يتزامن مع تحذيرات أممية متكررة من المجاعة، حيث أعلنت الأمم المتحدة مؤخرًا وفاة ما لا يقل عن مائة شخص بسبب الجوع في غزة، في وقت تواصل فيه إسرائيل فرض قيود خانقة على المساعدات.

 

بينما يواصل الفلسطينيون تشييع ضحايا القصف والمجاعة، تتكشف تدريجيًا صورة قاتمة عن حرب تتجاوز حدود "مكافحة الإرهاب"، لتأخذ شكل "هندسة سكانية" تستهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم. ومع دخول أصوات من داخل الكونغرس على خط الاتهام، يبدو أن إدارة ترامب تواجه معركة داخلية لا تقل تعقيدًا عن الحرب المستعرة في غزة نفسها.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8