أكدت قطر رفضها للتقارير التي تحدثت عن إعادة تقييم شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة، ووصفتها بأنها "خاطئة تماماً". وأكد مكتب الإعلام الدولي القطري أن العلاقة الأمنية والدفاعية مع واشنطن "أقوى من أي وقت مضى وتستمر في النمو"، رغم التوترات الإقليمية الأخيرة.
الغارات الإسرائيلية: تهديد مباشر للسيادة القطرية
نفذت إسرائيل غارة مفاجئة على الدوحة يوم الثلاثاء، استهدفت مقراً يُعتقد أنه يضم قياديين من حركة حماس، من بينهم خليل الحية، رئيس وفد التفاوض الخارجي. وتأتي الضربة بعد سلسلة هجمات تعرضت لها قطر خلال الأشهر الستة الماضية، من إيران وإسرائيل، ما يعكس تصاعد التوترات الإقليمية وتهديد السيادة القطرية مباشرة.
واعتبرت الدوحة الهجوم الإسرائيلي "نسفاً لجهود وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى في غزة"، مطالبة بإحالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العدالة الدولية، وهو موقف يعكس حدة التوترات السياسية بين قطر وتل أبيب.
الشراكة الأمنية الأمريكية: تأكيد على الاستقرار الاستراتيجي
في الوقت نفسه، نفى البيان القطري أي نية لإعادة تقييم الشراكة الأمنية مع واشنطن، مؤكداً استمرار التعاون الاستراتيجي. وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن الرئيس دونالد ترامب أعرب عن "عدم رضاه" عن الغارات، وطلب من نتنياهو الالتزام بعدم مهاجمة قطر مرة أخرى. ومع ذلك، لم يقدم نتنياهو اعتذاراً علنياً، بل ألمح لاحقاً إلى إمكانية توجيه ضربة جديدة، ما يزيد المخاطر على استقرار المنطقة.
ويكشف هذا الموقف الأمريكي القطري المشترك، على الرغم من التوترات، عن رغبة واشنطن في الحفاظ على دور قطر كمركز إقليمي للشراكات الأمنية والاستخباراتية، خصوصاً فيما يتعلق بإدارة الصراعات الفلسطينية والإرهاب في المنطقة.
الدور الدبلوماسي القطري: قمة عربية إسلامية طارئة
استجابة للغارات، أعلنت الدوحة عن استضافة قمة عربية إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين لمناقشة الهجوم الإسرائيلي، وهو مؤشر على سعي قطر لتفعيل دورها الدبلوماسي في إدارة الأزمات الإقليمية. وتعكس هذه الخطوة قدرة قطر على التحرك بسرعة على المستوى السياسي، مع تعزيز مكانتها كوسيط إقليمي قادر على التنسيق بين القوى العربية والإسلامية.
تقييم الوضع: تحديات وفرص
تواجه قطر تحديات مزدوجة: الحفاظ على شراكتها الاستراتيجية مع واشنطن، وفي الوقت نفسه حماية مصالحها الإقليمية أمام التصعيد الإسرائيلي المباشر. الغارات الأخيرة تؤكد أن خطر الانزلاق إلى صراع أوسع لا يزال قائماً، بينما يتيح الموقف الأمريكي الداعم فرصة للدوحة لتعزيز نفوذها الدبلوماسي والسياسي.
في ظل هذه المعطيات، من المرجح أن تستمر قطر في تعزيز قدراتها الدفاعية والأمنية، مع اعتماد سياسة متوازنة بين التحالف مع واشنطن والحفاظ على علاقات متينة مع شركاء إقليميين آخرين، لتجنب الانزلاق نحو أزمة مفتوحة قد تهدد استقرار الخليج.