تصاعدت الأزمة المتعلقة بالفروغ التجارية في مدينة حلب خلال الأسابيع الماضية، ما أثار قلقاً واسعاً بين التجار والصناعيين وأصحاب العقارات، حيث أصبحت العديد من المباني التجارية والصناعية خالية، فيما يُعرف محلياً بـ«الفروغ»، ما تسبب في شلل شبه كامل للأسواق وركود كبير في حركة البيع والشراء.
أمس، احتشد العشرات من أصحاب الفروغ والتجار والحرفيين في ساحة سعد الله الجابري وسط المدينة، مطالبين الحكومة بإيجاد حل عاجل وعادل ينهي الأزمة المستمرة منذ أشهر. وقال أحد المحتجين، ورفض الكشف عن اسمه، إن «التأخير في البت بالقضايا المتعلقة بالفروغ سبب لنا خسائر كبيرة، ولم نعد قادرين على دفع الالتزامات الشهرية، ما يهدد استمرار أعمالنا».
ويشير التجار إلى أن الأزمة تفاقمت بعد مرور ثلاثة أشهر على تشكيل لجنة حكومية للنظر في تعديل قانون التمديد الصادر عام 1952، الذي ينظم العلاقة بين مالكي العقارات وأصحاب الفروغ. ووفقاً لهم، فإن عدم وضوح الإجراءات القانونية أدى إلى تضارب المصالح بين الأطراف، حيث أصبح كل طرف يسعى للحفاظ على مصالحه على حساب الآخر، فيما يظل السوق بلا حراك فعلي.
وتشهد الأحياء التجارية في حلب تراشقاً مستمراً بالاتهامات بين أصحاب العقارات والتجار، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويهدد الاستقرار الاقتصادي للمدينة، التي تعد مركزاً صناعياً وتجارياً رئيسياً في سوريا. وقالت لجنة من التجار والصناعيين خلال مؤتمر صحفي عقدته في الساحة إن «حل هذه الأزمة يجب أن يكون شاملاً ويأخذ بعين الاعتبار حقوق جميع الأطراف، وأن يتم بسرعة قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة اقتصادية».
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن الأزمة الحالية تعكس ثغرة واضحة في السياسات الحكومية المتعلقة بالإدارة العقارية والتجارة، مؤكدين أن استمرار الفراغ التجاري يهدد القطاعات الإنتاجية ويزيد من معدلات البطالة. وصرح أحدهم بأن «وجود عقارات فارغة وسط الأسواق الحيوية يعرقل حركة الاستثمار ويجعل المدينة أقل جاذبية للمستثمرين المحليين والدوليين».
ومن جانبه، أعرب عدد من أصحاب الفروغ عن استيائهم من صمت الحكومة إزاء مطالبهم، مطالبين الجهات الرسمية بتحريك الملف بشكل عاجل، ووضع آليات واضحة لتسهيل التعامل بالفروغ، مع ضرورة رفع القيود القانونية المعقدة التي تعيق الاستثمار والتجارة في المدينة. وقال أحد التجار: «نحن بحاجة إلى حل ملموس، ليس وعوداً أو خطابات، وإلا سنشهد انهياراً شبه كامل للأسواق في حلب».
يذكر أن أزمة الفروغ التجارية تتزامن مع تحديات اقتصادية أخرى تواجه حلب، منها ارتفاع نسبة العقارات الفارغة، وتراجع النشاط التجاري بسبب الأوضاع الاقتصادية العامة، ونقص السيولة النقدية، ما يزيد من أعباء التجار والحرفيين. ويطالب المعنيون بوضع خطة حكومية واضحة تشمل حوافز للتجار، وضوابط تحمي أصحاب العقارات، إلى جانب آليات قانونية تضمن حقوق جميع الأطراف.
ختاماً، يرى المراقبون أن حل أزمة الفروغ في حلب ليس مجرد مسألة تنظيمية، بل يرتبط مباشرة باستعادة الثقة في السوق وتعزيز النشاط الاقتصادي، بما ينعكس إيجابياً على الاستثمار وفرص العمل في المدينة، ويحافظ على مكانتها كمركز صناعي وتجاري حيوي في سوريا. وقال أحد الصناعيين: «الحل عاجل ولا يحتمل الانتظار، فالاقتصاد الحلبّي في مرحلة حرجة، وأي تأخير قد يكلفنا جميعاً الكثير».